الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الملك يُداوي جراح جدة بيد ويُعالج أسباب الكارثة باليد الأخرى
الخلاصة
الملك يُداوي جراح جدة بيد ويُعالج أسباب الكارثة باليد الأخرىكلمة الاقتصادية منذ اللحظة الأولى لكارثة فيضانات جدة الأربعاء الماضي، وفي ذروة انشغاله كقائد أعلى لشؤون الحج .. ظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يُتابع الأحداث لحظة بلحظة، ويوجه المسؤولين لاتخاذ كافة التدابير لمواجهة الكارثة والتخفيف من آثارها بأقصى ما يُمكن، واضعا كل إمكانات الدولة تحت تصرف أجهزة الإنقاذ والأمن والسلامة .. للحفاظ على الأرواح والممتلكات. كان همه الرئيس في تلك اللحظات العصيبة ينصبّ بالدرجة الأولى على إدارة الأزمة بروح المسؤولية، وبما تستحق من آليات المبادرة .. بعيدا عن فتح الدفاتر والبحث في تفاصيل الأسباب وحدود المسؤوليات، لأن أرواح المواطنين بالنسبة إليه أثمن وأهمّ وأغلى من أي شيء آخر، وفيما كانت فرق العمل تقوم بواجباتها في المواقع المتضررة، في الوقت الذي كانت فيه وفود الرحمن تتنقل ما بين المشاعر لإتمام نسكها، كان خادم الحرمين يوزع وقته ما بين متابعة ما يجري على الأرض في جدة، وما يتم في سبيل توفير الراحة لحجاج بيت الله الحرام، فيما كان الجميع يُدرك أن ثمة خطوة قادمة فيما يتصل بفاجعة جدة، بعد أن يتم إنقاذ المتضررين وإيوائهم وترتيب كافة شؤون حياتهم وفق التوجيهات الملكية الكريمة. وفي البارحة الأولى امتدت يد ملك الإنسانية لتداوي جراح جدة بكف، ولتعالج أسباب الفاجعة بالكف الأخرى .. فيما عدّه المراقبون خطوة صارمة من خطوات الإصلاح ومحاسبة المقصرين ومكافحة الفساد التي رفع رايتها خادم الحرمين الشريفين منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه مقاليد الحكم .. حيث صدر الأمر الملكي الكريم بتشكيل لجنة متفرغة برئاسة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، وعضوية رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ومندوبين من وزارة الداخلية (مدير عام الدفاع المدني - وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة - مدير عام المباحث الإدارية ـ مدير مباحث منطقة مكة المكرمة)، إلى جانب مندوب على مستوى عال من رئاسة الاستخبارات العامة ووكيل وزارة العدل ونائب رئيس ديوان المراقبة العامة المساعد .. تكون أولى مهماتها التحقيق وتقصي الحقائق في أسباب الفاجعة، وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص له علاقة بها، وحصر شهداء الغرق والمصابين والخسائر في الممتلكات وتعويض المتضررين، على أن تستعين هذه اللجنة بمن تراه من الخبراء والمختصين لتسهيل أداء عملها، مع توجيه كافة الجهات الحكومية بالتعاون معها وتسهيل مهمتها، واستدعاء أي شخص أو مسؤول كائنا من كان لطلب إفادته أو مساءلته عند الاقتضاء، والرفع للمقام السامي الكريم بما تتوصل إليه من تحقيقات ونتائج وتوصيات بشكل عاجل جدا، مؤكدا على اللجنة بالجد والمثابرة في عملها بما تبرأ به الذمة أمام الله، عز وجل، واضعا هذه المسؤولية في ذمتهم، ومستشعرا عظمها وجسامتها. هذا إلى جانب توجيه وزارة المالية - حالا - بصرف مبلغ مليون ريال لذوي كل شهيد من الغرقى في ضوء ما يرد للوزارة من اللجنة المذكورة. والذي يتأمل مفردات هذا الأمر الملكي الكريم .. لابد أن تستوقفه تلك المزاوجة بين نبرتين .. النبرة الصارمة فيما يتصل بقراءة الأسباب وتقصي الحقائق وتحديد المسؤوليات، واستدعاء أي مسؤول كائنا من كان لطلب إفادته أو حتى مساءلته وفق مقتضيات التحقيق، فيما يعكس الحزم والجدية في استقصاء المسؤولية إبراء للذمة أمام الله، عز وجل، وعدم التهاون حيال أي تقصير أو تصرف غير مسؤول. والنبرة الثانية .. النبرة الإنسانية المجللة بحزن أبوي على أرواح الشهداء، ومحاولة التخفيف من مصابهم بصرف مليون ريال لذوي كل شهيد، إلى جانب التعويض عن الخسائر في الممتلكات. هذه المزاوجة تعكس بوضوح روح المسؤولية التي يتحلى بها الأب القائد الذي يألم لفقد أي مواطن من أبناء شعبه، ويستشعر مصاب ذويه كأي فرد منهم، ويغضب للحق إلى أن ينتصر له، وهو ما اختصرته عبارة (من ذمتنا إلى ذمتهم). في أنبل وأجمل موقف تتجسد فيه كل معاني القيادة الحازمة التي لا تعفي أي أحد من مسؤولياته أيا كان حفظا لحقوق الوطن ومواطنيه، كما تتجسد فيها وفي الوقت نفسه قيم الأبوة والعاطفة الإنسانية في أبهى وأسمى صورها. من هنا وإذا ما كانت فاجعة جدة قد ألقت بظلالها على الكثير من الأسر، فإن هذا الموقف المسؤول والنبيل من قائد الوطن لا بد أن يُسهم في تضميد الكثير من الجراح، رغم كل الآلام، ويعيد ترتيب أوراق المسؤولية بحيث لا يبقى أحد خارج حدودها تحت أي ذريعة، في ترجمة حقيقية للإصلاح الذي يشكل العنوان الأكبر لهذا العهد الزاهر.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
431507النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
5896الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودخالد بن فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
تاريخ النشر
20091202الدول - الاماكن
السعوديةجدة - السعودية
جدة - السعودية