الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
مزادات الدم!
التاريخ
2009-02-12التاريخ الهجرى
14300217المؤلف
الخلاصة
عم الفرح آنذاك أرجاء المكان.. الجميع يهنئ ويبارك.. وهو قد اطمأنت نفسه بعد حصوله على تلك الملايين.. ولكنها لم تكن ملايين من فئات الأوراق النقدية .. بل كانت ملايين من الدعوات انطلقت من حناجر الموجودين بالمكان مباشرة إلى عنان السماء.. تلك الدعوات كان ينالها ولي الدم عندما أعلن تنازله عند حد القصاص وعفوه عن القاتل فقط لوجه الله تعالى.. ولكن تلك الصورة الإنسانة للعفو التي طالما تكررت في ساحات القصاص بالماضي توارت مؤخرا.. واستغنى عن أولياء الدم عن ملايين الدعوات مقابل حصولهم على ملايين الريالات.. وتحول العفو إلى «مزادات دم» يزايد فيها ذوو الضحايا على ثمن دماء أبنائهم، حتى تحول العفو عن المحكوم عليهم بالقصاص من منطلق المبدأ السامي «العفو عند المقدرة»، إلى تجارة مثيرة بملايين الريالات، حتى أصبح لا يكاد يمر أسبوع إلا ونرى ذوي قاتل ما يسترحمون أهل الخير للتبرع لإكمال مبلغ الدية الذي يبلغ كذا مليون ريال. ونسي هؤلاء أن الإسلام كما شرع القصاص صيانة للنفس ، فإنه قد جعل جزاء من يعفو أكرم وأثوب عند الله، يقول تعالى «وان تعفوا هو اقرب للتقوى» ويقول جل جلاله «فمن عفا وأصلح فأجره على الله» ويقول أيضا «وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم»، كما أنه كما أحل الدية لعتق الرقبة من الموت، فقد تم تقدير قيمتها في الشرع بمائة من الإبل بما يعادل الآن 120 ألف ريال، فإن كان لا محالة من طلب الدية فليكن هناك رحمة في تلك الطلبات، والله إن النفس لتأنف عندما تطالع في صحفنا تلك المزايدات في مقابل العفو ، فشخص عُفي عنه ب 12مليون ريال، وآخر أعتقت رقبته بخمسة ملايين ريال وترك دياره ومغادرة البلد ، وثالث عُفي عنه بمليوني ريال وسيارة، ورابع ب 12سيارة و 10ملايين، وفي خلال عام واحد فقط تجاوزت هذه المبالغ 40 مليون ريال لتحرير ثماني رقاب فقط، حتى تحولت تلك المزايدات إلى سلوك بدأ يترسخ في عقول وأذهان البعض. وبحكمته خادم الحرمين الشريفين لم تغب عن عينيه تلك المظاهر السيئة التي استشرت في مجتمعنا، فكانت توجيهاته -حفظه الله - بتشكيل لجنة من وزارات الداخلية والعدل والشؤون الإسلامية والمالية والشؤون الاجتماعية والثقافة والإعلام ومؤسسة النقد العربي السعودي ورئاسة الاستخبارات العامة، لدراسة ظاهرة المبالغة في الصلح في قضايا القتل بشكل عام، ووضع حلول لمعالجتها، وخرجت نتائج تلك اللجنة إلى النور مطلع هذا الأسبوع ليقرها خادم الحرمين الشريفين، ويوافق على الضوابط التي حددتها اللجنة لتنظيم عملية جمع المبالغ المالية للصلح في العفو عن القصاص، من بينها منع القاتل أو ذويه من استخدام أي وسيلة إعلامية لجمع تبرعات لقيمة الصلح، ومنع إقامة المخيمات واللوحات الإعلانية التي تعد لجمع التبرعات لذوي القاتل لدفعها إلى ورثة القتيل. ونأمل أن ترى توصيات تلك اللجنة النور على أرض الواقع في القريب العاجل ، حتى نضع حدا لهذه الظاهرة والتي حولت النفس البشرية إلى سلعة تجارية تباع وتشترى في الأسواق، ولاشك أن مثل تلك التوصيات سوف ترسخ ثقافة جديدة بين أوساط أهل القاتل والمقتول بعدم المبالغة أو حتى المتاجرة بالدم، وذلك حتى لا تتوه المسائل ويختلط الحابل بالنابل فيتحول القاتل إلى ضحية ويصبح ذوو القتيل هم الجناة. كذلك يجب ألا يتم العفو دائما على الإطلاق ، فلينظر في كل حالة على حدة، فمثلا شخص قد يكون له سوابق خطيرة أو قتل أو حاول قتل آخرين عدة مرات مثل هذا لا يستحق العفو، بل الأولى تطبيق القصاص عليه لأن بقاءه قد يكون فيه خطورة على المجتمع ، فلا يعقل أن نستغل العفو لوهب الحياة لمجرم سلب حياة آخرين وعاث في الأرض فسادا، وإضافة إلى ذلك يجب أن تتضافر جهود جميع الجهات لدراسة مثل هذه الظواهر الاجتماعية القائمة على العادات الخاطئة ، والعمل على تحليلها ومعرفة أسبابها ودواعيها وإخضاعها أولاً وأخيراً لميزان الشريعة ومنهج الدين الإسلامي الحنيف الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ ولتوجه تلك الأموال التي يتم جمعها بالملايين إلى صالح مشروعات خيرية أو اجتماعية تسهم في بناء حياة الآلاف من الأسر، والله الهادي إلى سواء السبيل. sg@hcci.org.sa
الرابط
مزادات الدم!المصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
438435النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
13026الموضوعات
الجريمة والمجرمونالسعودية - الأمن الوطني
السعودية. وزارة الثقافة والاعلام
السعودية. وزارة الداخلية والأمن
السعودية. وزارة الشؤون الاجتماعية
السعودية. وزارة الشؤون الاسلامية
السعودية. وزارة العدل
السعودية. وزارة المالية
مؤسسة النقد العربي السعودي
الهيئات
مؤسسة النقد السعودي - ساما - السعوديةوزاة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد - السعودية
وزارة الثقافة والاعلام - السعودية
وزارة الداخلية - السعودية
وزارة الشؤون الاجتماعية - السعودية
وزارة العدل - السعودية
وزارة المالية - السعودية
المؤلف
عادل بن احمد يوسف الصالحتاريخ النشر
20090212الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية