أليس منكم رجل رشيد ؟
الخلاصة
مسكين جدا هذا المواطن العربي، قياسا مع خلق الله في بلاد الله، تجد المواطن العربي مثالا صارخا لسلبيات وظلامات واختراقات لا يعرفها غيرهم من الجنس البشري.. عذرا عزيزي القارئ قد تجد في لغتي سوداوية وضبابية إنما هي نتيجة تراكمات رزء بها جيلي ممن نشأ على مقولات حفرت في عظمه وجرت في شرايينه، غنينا (الله أكبر فوق كيد المعتدي) وتنفسنا (وطني حبيبي الوطن الأكبر) وهتفنا لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ودعمنا أخوة لنا في العروبة والدين عندما تنادوا بـ(شدوا الحزام) وتوالت أيامنا ليل يعقبه نهار وسنة تأكل أختها وقضيتنا الأولى الوحيدة فلسطين. إنها الهم العربي والحلم العربي، وبعد نصف قرن نصحو على كابوس، فالقضية صارت قضايا، القضية التي كانت (فلسطين والعدو المحتل ) صارت قضية أخرى فيها شقاء الأخوة الأشقياء، وخلفت لنا أعاصير من الحيرة والقلق تتناهبنا نحن المصدومين ضحايا مقولات أخوة النضال ودعاة التحرر فاليوم نقف عند الحقائق المرة المريرة فالصراع الحقيقي إنما هو بين الأخوة الأعداء، وكلما تعلقنا بأهداب المؤامرة القادمة من خارج حدود (وطني حبيبي الوطن الأكبر) ونهض عقلاء الأمة العربية ليرأبوا الصدع ويلموا الشتات ويزرعوا الأمل في مواثيقهم ومعاهداتهم نصحو قبل أن نستكمل تنفس الصعداء ليفجعنا الصراخ العاتي لا مصالحة مع الشقيق لا اتفاق لا ثقة و(لا حامض حلو لا شربت). اليوم قضية فلسطين والعدو الصهيوني تنحت جانبا لتحل بدلا لها قضية (فتح وحماس) واحتلال فلسطين تحول إلى احتلال غزة وثورة حتى النصر تغيرت إلى الانقلاب الحمساوي. والتبرعات للمقاومة الفلسطينية انشقت شقين تبرعات لدعم المحاصرين الأبرياء في غزة وشق لتقوية كل جناح لضرب أخيه أما جداول القمم العربية المشغولة بقضايا التنمية والتقارب بين الأخوة، والتصدي لأعداء الأمة فقد تأخرت لانشغال القمة بقضايا التوفيق بين الأشقاء، قمة تلو أخرى ومواثيق القمة ومعاهدات توقع علنا أمام العالم، وكلها تنقض قبل أن يجف حبرها. ما ذنب أجيال الشباب الذين يزرعون المستقبل تحت أجفانهم؟ كيف نقف أمام أبنائنا في المنازل وطلابنا في مقاعد التلقي والتعلم وقد فقدنا مصداقية تاريخ النضال؟ كيف نواجه أنفسنا ونقيم تضحيات الأجيال وفجائع الثكالى؟ كيف نثأر لدم الشهداء الذي سال برصاص الأخ الشقيق شريك الرحم شريك الحياة؟ كيف نعيد التوازن لعقولنا بعد أن صدمتنا الحقيقة العارية أننا سبب شقاء أنفسنا وشقاء أخوتنا؟ فليجيبني من يحرر مناهجنا التعليمية التي نسكبها في عقول الصغار وأخص مناهج المطالعة والنصوص الأدبية فأي نصوص سيوظفونها في المناهج بعد أن كانت مناهجنا تعزف نغم (بلاد العرب أوطاني) و(أخي جاوز الظالمون المدى) أهي خطب الأكاذيب والتصدي أم تصريحات المراوغة والتحدي؟ أم سيل البذاءة من الشتائم وقد سجلت معجما جديدا في نضال الألسنة المحمومة والقلوب الحاقدة التي تفصح يوميا في المنتديات العنكبية عن حقد أسود يكنه الأخ لأخيه ولا نسمعه موجها لعدوه وعدونا فهذا الآخر الذي هو سبب نكبتنا ومصيبتنا أصبح الطرف الذي نتحرج من مخاطبته بسوء، فالمعاهدات الدولية معه كتبت بحبر حضاري ملزم، وعلينا أن نحترمها فقد بيتت في ليل، ونغض الطرف عن تجاوزات العدو واختراقاته ليعربد ويتفنن في قتل الأبرياء، وتشديد الحصار، والمبالغة والغلو في احتقارنا، والعبث بكرامتنا، وعلينا أن ننفجر غيظا ونحن نسمع تصريحات أولمرت التي نقلتها وكالات الأنباء يوم الجمعة 28/3/ 2008م.. حيث قال أولمرت للصحفيين الاجانب في القدس: <نحن لا نتحدث مع حماس ولن نتوصل لتسوية مع احد يطلق باستمرار الصواريخ على رؤوس الإسرائيليين.. سنتعامل مع حماس بطرق أخرى.. وهذه الطرق ستكون مؤلمة جدا>... نعم لقد خلا لك الجو فبيضي واصفري. إن قادة إسرائيل لا يريدون سلاما ولا صلحا، وهم أول من عرقل ويعرقل المبادرة العربية التي طرحت في قمة بيروت 2002م وسيعملون على وأدها لأنها تكشف أعداء السلام الحقيقيين، وتعري المتخاذلين المتواطئين الذين يستمرئون حالة الخور العربي والوهن القومي. إن عملاء إسرائيل وأدواته هم من يلعبون اللعبة القذرة في تأجيج الخلاف العربي العربي فكيف بعد اتفاق مكة لا تحترم قدسية المكان وجهد المخلصين برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي تفرغ للتقريب بين الأشقاء فتح وحماس وخرج اتفاق مكة مارس 2007م بشارة للشعوب العربية إلا أصحاب الشأن الذين تناسوه وكأنه لم يكن وعادوا مرة ثانية بعد تمام السنة إلى صنعاء ليعيدوا الكرة بفضيحة أكبر، ففي حين يوقع الطرفان المعاهدة تخرج التصريحات المتطاحنة في الوقت نفسه ترفض، وتخون، وتسفه، لتترك المواطن العربي المسكين أتعس خلق الله، يصفق يدا بيد، ولا يملك إلا الحسرة والألم. wasm50@gmail.com
الرابط
أليس منكم رجل رشيد ؟المصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
456199النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
12719الموضوعات
السعودية - العلاقات الخارجية - العالم العربيالسعودية - العلاقات الخارجية - فلسطين
المبادرة السعودية للسلام
مبادرة الملك عبدالله للسلام
تاريخ النشر
20080411الدول - الاماكن
اسرائيلالسعودية
العالم العربي
الولايات المتحدة
فلسطين
الرياض - السعودية
القدس - فلسطين
واشنطن - الولايات المتحدة