الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات السعودية ـ الصينية
الخلاصة
الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني للمملكة الأسبوع الماضي هي الثانية لرئيس صيني في أقل من ثلاثة أعوام، وخادم الحرمين الشريفين كان قد زار الصين عام 1998 ثم مرة أخرى عام 2006 والتي وكانت أول زيارة خارجية له بعد توليه العرش، وكثافة الزيارات المتبادلة تعطي مؤشراً على الاهتمام الذي توليه قيادتا البلدين هذه العلاقة الاستراتيجية، والذي يمكن تفسيره في التالي: 1- أن العلاقة مع الصين تمثل بالنسبة للمملكة علاقة استراتيجية تخلق نوعاً من التوازن في علاقاتها الاستراتيجية عالميا. فكما نعلم جميعا أن للمملكة علاقات استراتيجية راسخة مع الولايات المتحدة إلا أن الدور المتعاظم للصين عالميا اقتصادياً وسياسياً بل وحتى عسكرياً يحتم تطوير علاقة المملكة مع هذا المارد القادم بقوة. ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وبشكل خاص منذ أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، اهتمت المملكة ببناء شراكة استراتيجية متوازنة مع دول رئيسية في العالم على رأسها روسيا والصين، إلا أن انكفاء روسيا على نفسها وانشغالها بمشكلاتها الداخلية جعلها في وضع لا يسمح لها بلعب دور عالمي، إلا أن الوضع مختلف بالنسبة للصين، فبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته أوائل ثمانينيات القرن الماضي مكن الاقتصاد الصيني من تحقيق واحد من أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم على مدى عقدين، بحيث أصبح الاقتصاد الصيني الآن ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ومع هذه القوة الاقتصادية المتعاظمة نمت رغبة الصين في لعب دور أكبر على المسرح العالمي، وهو أمر مرحب به عالميا بعد افتقاد حالة التوازن الدولي نتيجة انهيار الاتحاد السوفياتي وتفرد الولايات المتحدة بالهيمنة كقوة عظمى وحيدة في العالم. 2-أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الاقتصادين السعودي والصيني يتوقع أن يزداد متانة وعمقا خلال السنوات والعقود المقبلة. فالمملكة تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم وأكبر منتج له، والصين ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم وفيها يتوقع حدوث أكبر نمو في الطلب على النفط خلال العقود المقبلة، لذا فللصين اهتمام غير عادي بالمملكة وبمنطقة الخليج العربي بشكل عام، فهي مهتمة بضمان استمرار تدفق النفط إليها من هذه المنطقة دون عوائق، والمملكة من جانبها، تشكل الصين واحداً من أهم أسواق صادراتها من النفط والبتروكيماويات، ففي عام 2008، على سبيل المثال، بلغت صادرات النفط السعودية إلى الصين نحو 800 ألف برميل يوميا أو ما يزيد على 10 في المائة من إجمالي صادرات النفط السعودية، كما شكلت واردات الصين من النفط السعودي نحو 40 في المائة من إجمالي وارداتها النفطية ونحو 20 في المائة من إجمالي استهلاكها النفطي. وفي ظل السياسات الهادفة إلى حماية البيئة ورفع كفاءة استخدام الطاقة في الدول الغربية فإن نسبة استهلاك هذه الدول من إجمالي الاستهلاك العالمي من النفط ستتراجع خلال العقود المقبلة وسينمو نصيب الاقتصادات الناشئة وعلى رأسها الصين والهند وشرق آسيا من إجمالي الاستهلاك العالمي من النفط، الأمر الذي سيملي نمواً مطرداً في قوة ارتباط اقتصادنا باقتصادات تلك الدول خلال العقود المقبلة. 3- هذه العلاقة سيكون لها دور كبير في مساعدة الاقتصادين السعودي والصيني على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية. فكلا الاقتصادين ليسا متأثرين بشكل مباشر بهذه الأزمة، وتأثرهما جاء بشكل غير مباشر نتيجة حالة الانكماش الاقتصادي التي ترتبت على هذه الأزمة. فتراجع أسعار النفط الخام أضر بالإيرادات النفطية السعودية، والتراجع الحاد في صادرات الصين انعكس سلبا على قدرة الصين على المحافظة على معدلات نمو اقتصادي إيجابية وتسبب في تزايد معدلات البطالة. السياسة المالية التوسعية التي تتبناها المملكة حاليا والهادفة إلى الحد من تأثر النشاط الاقتصادي في المملكة من خلال زيادة الإنفاق الحكومي الاستثماري مقتنصة فرصة تراجع الضغوط التضخمية عالمياً وتراجع أسعار السلع الأساسية يساعد على إنجاحها فتح المجال وسعاً أمام الشركات الصينية للمشاركة بقوة في تنفيذ تلك المشاريع، والذي سيكون مفيداً لاقتصاد البلدين. فمن جانب، يسهم حصول الشركات الصينية على حصة من مشاريع البنية الأساسية في المملكة في تعويضها عن تراجع حجم أعمالها في الصين ويوفر فرص عمل بديلة للعمالة الصينية التي قد تفقد وظائفها دون ذلك، وفي المقابل، مشاركة الشركات الصينية في تنفيذ المشاريع التنموية الضخمة يسهم في زيادة القدرة الاستيعابية للاقتصاد السعودي ويساعد على سرعة تنفيذ هذه المشاريع دون تأخير.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
461319النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
5607تاريخ النشر
20090216الدول - الاماكن
السعوديةالصين
الولايات المتحدة
روسيا
الرياض - السعودية
بكين - الصين
موسكو - روسيا
واشنطن - الولايات المتحدة