بداية الغيث.
الخلاصة
بداية الغيثد. عبدالرحمن سعد العرابي* نعم هكذا فكرتُ عندما قرأتُ تفاصيل خبر تغطية الزميل الأستاذ عبدالله الحارثي من صحيفة «عكاظ» لأسباب وفاة الدكتور طارق الجهني طبيب الأسنان بمستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة. فقد رأيتُ في اعتراف مدير المستشفى، الذي لا نعرف اسمه أو اسم مستشفاه!، بالخطأ عند إجراء عملية ربط المعدة للدكتور الجهني يرحمه الله، أنه بداية الغيث للقرار الملكي الشجاع الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يحفظه الله بشأن محاسبة المتسببين في فاجعة جدة.* حسب علمي، وقد يكون قاصراً أنها المرة الأولى في تاريخنا المجتمعي والرسمي الذي يعترف فيه وبصراحة مسؤول عن خطأ أدى إلى وفاة إنسان. فقد تعودنا في السنوات الماضية، وقبل القرار الملكي النفي والتبرير، وأحياناً الإسقاط لكل الأخطاء كبيرها وصغيرها حتى وإن كانت في نتائجها كارثية بمثل ما حدث في كارثة سيول جدة.* كثير من المسؤولين حكوميين وأهليين كانوا يتفنون في نفي حقائق واضحة وضوح الشمس. كما كانوا يبدعون في التبرير لأخطاء قاتلة رغم فداحتها ونصاعة أسبابها، وكأنها شمس في عز الظهيرة.. والأدهى أن البعض من هكذا عينة من المسؤولين يسقطون بلاويهم وفسادهم وانعدام حسهم الإنساني على المصابين والمنكوبين والموتى، كما حدث في حادثة مقتل الطالبة فاطمة في شاطئ النورس، وكما حدث مع فاجعة جدة.* فاطمة رحمها الله وعوّض أهلها خيراً تسببت هي في وفاتها بحسب مسؤولي أمانة محافظة جدة، لأنها كانت تسبح في منطقة ممنوعة. بينما الحقيقة هي غير ذلك. فحسب الصور التي نشرتها صحيفة «المدينة»، فالفتاة لم تكن تسبح بل كانت تتمتع بمياه البحر في منطقة غير عميقة، وما أدى إلى موتها موجة قوية من مياه الصرف الصحي التي تصب في تلك المنطقة، وهو ما أكده أيضاً مسؤولو الدفاع المدني.* كما أبدع بعض مسؤولي جدة في تصوير فاجعة السيول وكأنها نتيجة لتجاوزات السكان والأهالي الذين أنشأوا مساكنهم في مناطق عشوائية غير معتمدة. وبعد صدور قرار خادم الحرمين يحفظه الله اتّضحت الصورة أكثر، وبدأت ملامح كثيرة منها تُبيِّن أن سوء التخطيط والاعتمادات الخاطئة لمخططات بعينها، وعدم إقامة وتنفيذ المشاريع الضخمة التي اعتمدتها الدولة للصرف الصحي ولتصريف ودرء أخطار السيول هي المسببات الأساسية للفاجعة، وأن عديمي الضمائر وفاسدي الذمم هم المتسبب المباشر فيما حدث من خسائر وقتلى ودمار.* اعتراف مدير المستشفى الذي توفي فيه الدكتور الجهني بقدر ما هو بداية لغيث القرار الملكي في تطهير مجتمعنا المحلي من الفساد والفاسدين، بقدر ما يدفعني إلى مطالبة الزملاء مسؤولي الصحف في عدم التحرز والتحوّط غير المبرر بعدم نشر أسماء الأشخاص والمؤسسات المتسببة في حدوث نتائج كارثية أو قاتلة، كما هو حال المستشفى الخاص، والطبيب، وفني التخدير الذين تسببوا في وفاة الدكتور الجهني يرحمه الله. فخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله قالها بكل وضوح في قراره الشجاع: «إن ما حدث في جدة ليس كارثة طبيعية، بل نتيجة لأخطاء بشرية»، وهكذا يجب أن ننظر إلى الأخطاء والكوارث خاصة التي خلّفها فساد ذمم وعفن أخلاقي!.
الرابط
بداية الغيث.المصدر-الناشر
صحيفة المدينةرقم التسجيلة
479448النوع
تقريررقم الاصدار - العدد
17045الموضوعات
السعودية - الأوامر الملكيةالصحافة السعودية
الفساد الاداري
الفساد المالي جرائم الاموال
منطقة مكة المكرمة - الادارة العامة
الهيئات
عبد الرحمن الشبيليتاريخ النشر
20091223الدول - الاماكن
السعوديةجدة - السعودية
جدة - السعودية