الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
على هاماتنا.. يا خادم الحرمين
التاريخ
2009-01-21التاريخ الهجرى
14300124المؤلف
الخلاصة
الأربعاء, 21 يناير 2009افتتاحية السياسة الكويتية: بقلم أحمد الجار اللهنصارحك يا خادم الحرمين بأننا فوجئنا بخطابك في قمة الكويت، خطاب العقل والحكمة، مع أن هذا الخطاب ليس مستغربًا منك، لكن المخاض العسير الذي مرت به أمتنا خلال الفترة الماضية، كان كفيلاً بأن يفجر طاقات الغضب لدى الجميع، وأن يجعل لغة التعامل بيننا -حتى بين الزعماء والقادة فينا- لغة متبرمة ومحتقنة، وقد رأينا وسمعنا صورًا عدة لذلك، ساد فيها الغضب والعنف، وتوارى فيها الحلم والرفق.. من هنا فقد حاولنا طوال الأيام الماضية أن نعرف ماذا أنت قائل في قمة الكويت.. كنا نحس بغضبك، ونحس أكثر بألمك، وأنت ونحن نعرف أن فلك العرب يخوض في بحر لُجيٍّ، وأن هناك من ركابه ومن أبناء هذه الأمة، من يخرق هذا الفلك، بحجة أنه يخرق تحت مقعده، ولا شأن له بالآخرين.نعرف بالطبع يا خادم الحرمين أنك «شيخ الحكمة» في هذا العالم العربي الذي يحتاج إلى التوازن، ونعرف أن بلادك هي الأهم وهي نقطة الاتزان فيه، وذلك بالتعاون الخلاق مع قوة العرب المتقدمة وزعيمها الذي أشدت أنت به، مبارك مصر المباركة.. واسمح لنا أن نقول إننا كنا نظن أن هذا المؤتمر سيكون كغيره من المؤتمرات، شتمًا و«ردحًا» وخلافات، وهمزًا وغمزًا وتنابزًا بالألقاب، والكل يقول «الزود عندي»... وكنا معذورين في ما ذهبنا إليه وما تصورناه، خصوصًا بعدما رأينا كيف كان سلوك أولئك الذين اختلفوا معك، والذين لم يستوعبوا منطوق الحكمة القائلة «الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، فقد حولوا خلاف الرأي إلى خلاف شخصي ابتعدوا به كثيرًا واختلطت فيه أوراق قضايا العرب، وفي النهاية أوردوا أنفسهم وأقوامهم موارد التهلكة، لتكون أنت المبادر بإعلان الصفح والعفو والتسامح، وبكل أنفة واقتدار قلت وبرأس مرفوع، إن السعودية أنهت خلافاتها مع الجميع، فبارك الله فيك، وبارك في قولك هذا، الذي أكد لنا ما كنا نعرفه عنك، من كتم غضبك والصبر على شدائد قومك، وأنك ممن ينطبق عليهم قول الله تعالى (والْكَاظِمِينَ الغَيْظَ والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)... رغم أن أحدًا لم يتوقع أن تبادر أنت بإعلان إنهاء الخلافات مع الجميع، فلست أنت بطل هذه الخلافات ولست محركها، وإذا كان عرب ما مضى قد عاشوا «حرب بسوس» دامت أربعين عامًا نتيجة الخلاف على ناقة، فإن عرب اليوم هم خادم الحرمين الذي تكلم بما تمنى العقلاء من العرب سماعه، فوضعت الحرب بينهم أوزارها، وعادت المياه إلى جريانها من جديد.وكانت كلماتك بليغة ومؤثرة، بعد أن أعلنت تبرعك بمبلغ ألف مليون دولار لإعادة إعمار غزة، حين قلت: «إن قطرة واحدة من الدم الفلسطيني أغلى من كنوز الأرض وما احتوت»، وليت هذا القول الرائع يبلغ مسامع «من يهمهم الأمر» حتى يحقنوا دماء الابرياء ولا يريقوها أنهارًا، نتيجة سياسات خاطئة خرقاء، لا تحرر أرضًا ولا تحمي شعبًا، أو تحفظ عمرانًا، وهم يوقنون أنهم أمام «عصابة إجرامية لا مكان في قلوبها للرحمة ولا تنطوي ضلوعها على ذرة من الإنسانية، وأمام قتلة نسوا من هم ومن يناصرهم». غن التوراة قالت إن «العين بالعين» ولم تقل إن «العين بمدينة كاملة من العيون» - على حد وصف كلماتك في الخطاب الذي صافح القلوب قبل أن يصافح الأسماع، وكان لافتًا فيه أيضًا وبقوة تحذيرك لمختلف الفصائل الفلسطينية من ان يتوقفوا عن هذا الانحدار الذي يمضون إليه بفرقتهم وشقاقهم، وما أصدق ما قلته لهم من أن «فرقة الأشقاء في فلسطين أخطر على قضيتهم من عدوان إسرائيل»، وبإقرار الكبار أطلقت تحذيرًا آخر للعرب كلهم حين قلت: «إننا قادة الأمة العربية مسؤولون جميعًا عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا وعن الضعف الذي هدد تضامننا، ولا أستثني أحدًا منا».. كما أنك لم تشأ إلا أن تقرن القول بالعمل، في هذا المدى الزمني القصير، فإضافة إلى تبرعك ببليون دولار لقطاع غزة، بادرت بالاستجابة إلى مبادرة أخيك أمير الكويت لتجتمع مع إخوانك من القادة العرب الذين شاب الفتور علاقات بعضهم، ويستعيد الجميع الصفاء مجددًا في العلاقات والنفوس، وتضع معهم مرتكزات جديدة و«صحية» للعمل العربي المشترك.خادم الحرمين.. لقد أضفت بخطابك ومسعاك الكثير إلى هذا المؤتمر الذي ظننا أنه سيمر كغيره من مؤتمرات سابقة، تُعقد ويجري الإعداد لها، ثم تنفض ولا يدري أحد ما دار فيها، وإن درى فإنه لا يخطو الخطوة التي تليها من زين الكلام الذي دُبِّج لها.أخيرًا يا خادم الحرمين.. فمثلما أسعدت بكلمتك أمير الكويت صاحب الدعوة إلى القمة، فقد أسعدت معه أمة العرب أجمعين.. ولعل خطابك هذا يكون بشيرًا بنهاية أحزان هذه الأمة.. لعل وعسى.
المصدر-الناشر
صحيفة المدينةرقم التسجيلة
479234النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
16709الموضوعات
السعودية - العلاقات الخارجية - العالم العربيالسعودية - العلاقات الخارجية - فلسطين
المعونة الاقتصادية السعودية
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - تراجم
المؤلف
أحمد الجار اللهتاريخ النشر
20090121الدول - الاماكن
اسرائيلالسعودية
العالم العربي
الكويت
فلسطين
مصر
الرياض - السعودية
القاهرة - مصر
القدس - فلسطين
القيروان - الكويت