هيئة البيعة .. المسكوت عنه ..
التاريخ
2006-10-28التاريخ الهجرى
14271006المؤلف
الخلاصة
هيئة البيعة.. المسكوت عنه.. د. يوسف بن أحمد العثيمين عندما حاولت الكتابة عن (هيئة البيعة) السعودية وجدت نفسي- دائماً - مسبوقاً من قبل الكتاب والمحللين والمعلقين، سواء في الإعلام المرئي أو المقروء، في تعليقهم على جملة من جوانب الهيئة ونظامها. فالجميع تحدثوا وأسهبوا في الحديث عن صياغة النظام ودقته، وعن الشمولية والوضوح في مواده، وعن تغطيته لجميع الحالات والظروف والمواقف التي يفكر بها الإنسان لإعمال تلك النصوص الواردة فيه.. هذا فضلاً عن كونه يمثل تقدماً نوعياً في تطور مؤسسة الحكم في البلاد، وأنه يمثل شجاعة من الملك عبدالله، وعدم تردده في إصدار القرارات المصيرية ممتدة المفعول.. واعتبر آخرون أن النظام أتى في سياق البرنامج الإصلاحي الذي بدأه الملك منذ مدة، وأشادوا بقدرته على هندسة اجماع داخل الأسرة المالكة عليه، وأخيراً قالوا إن النظام أتى في وقت لم تكن البلاد في أتون أزمة سياسية داخلية.. لقد خلصوا - باختصار - إلى أن إنشاء الهيئة وصدور نظامها يعدان (ضربة معلم) بامتياز.. وهما - حقاً - كذلك.. ولكن ما سُكت عنه يمثل شيئاً لا يقل أهمية وإثارة عما قيل فيه.. @ يأتي في مقدمة ذلك ردة الفعل الشعبية بين السواد الأعظم من المواطنين.. فهناك إجماع شعبي غير مسبوق على (صوابية) إنشاء هذه الهيئة، وعلى الحاجة إليها، وعلى حسن توقيتها.. وهذا سوف يكون مصدر قوة حقيقية لهذه الهيئة ونظامها، فهو بمثابة استفتاء شعبي عليها. @ أعطى النظام اشارة لجميع المرجفين والمشككين في النظام السياسي السعودي، والذي يتهمونه بأنه نظام جامد، ولا يستجيب للمتغيرات والمستجدات المحلية والإقليمية والدولية.. بل العكس هو الصحيح، إذ من يستعرض التاريخ السياسي لتعاطي مؤسسة الحكم السعودية مع المتغيرات يجدها من أكثر الأنظمة قدرة على التكيف، وسرعة في الاستجابة.. وقد تعامل كل ملك منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز مع هذه المستجدات الداخلية والخارجية، كل بأسلوبه الخاص، وظرفه ووقته وامكاناته. @ يُحسب للنظام قدرته على تطوير وتكييف وتأصيل أمر شرعي- مفهوم البيعة ومفهوم أهل الحل والعقد - إلى أسلوب عصري متقدم يتناسب مع العصر ومتطلبات المرحلة.. بل إن النظام طور مفهومي البيعة وأهل الحل والعقد بطريقة أشبه ما تكون ب (اجتهاد) شرعي جريء، يمثل اختراقاً لباب الاجتهاد المغلق والموصود منذ قرون.. @ نبعت الهيئة ونصوص نظامها من دين وثقافة المجتمع السعودي، وليس بضاعة (مستوردة)، أو وصفة جاهزة جُلبت من (السوق العالمية للأفكار) نتيجة لضغوطات خارجية.. وإنما كان استجابة حقيقية لحالة داخلية.. فعندما كان الوفاء مطلوباً كان (الوفاء)، وعندما كان العمل المؤسسي مطلوباً ظهر (النظام).. لقد أشار الأمير سلمان بن عبدالعزيز إلى ذلك بوضوح في حفل البيعة في الرياض، وقال: إن أبرز ما يشهد به للملك عبدالله هو الوفاء تجاه أخيه الملك فهد - رحمه الله. @ طمأنة الناس على مستقبل مؤسسة الحكم في البلاد.. إذ من يرصد نبض الشارع السعودي فإن العين والأذن لا تخطيء شيوع حالة من الطمأنينة إثرصدور النظام.. ولعل أطرف ما سمعت من أحدهم معلقاً على ارتياحه لإنشاء الهيئة قوله: نحب آل سعود لأننا نحب أنفسنا.. لقد كنا نتحدث عن تسلسل السلطة عندما يموت ملك، و(يستلم) ولي عهده مقاليد الحكم بعده.. وكنا نفاخر بسهولة وسلاسة تسلسل الحكم، ولكنهم مع ذلك كان (يبقى) في النفس ما يبقى لدى المحللين، أو عامة الناس.. الآن، يشعر الجميع بالطمأنينة إلى (مأسسة) هذه السلاسة في التسلسل، والتي كانت - حينئذ- تعكس حالة موافقات وتوازنات، وربما مقايضات، أكثر من كونها (آليات) واضحة ومقننة لاختيار ملك البلاد القادم.. الآن - كلنا نتنفس الصعداء برئة واسعة.. إذ أصبح الاطمئنان هو العنوان.. @ زال الخجل، وحلت محله الشفافية والصراحة المتناهية.. كنا حتى الأمس القريب نهمس ونخجل و(نستحي) عن الحديث في أمور الموت والحياة، والعجز والمرض. خجلاً من أشياء اعتبرناها (خصوصية) منسوبة لمؤسسة الحكم السعودي ورموزها.. أصبحنا - الآن - نتحدث جهراً عن شيء يُعتبر - فعلاً - من (مجريات القدر)، وليس تطاولاً على الذاتية الملكية.. مجريات أقدار يمر بها أي إنسان، سواء كان في الحكم أو خارجه.. @ زال الغموض عن مصطلح (الأكفأ) من الأسرة المالكة.. إذ لم يعد هذا المصطلح متروكاً تفسيره لاجتهاد فردي حتى ولو كان الملك نفسه، بل سيكون متروكاً لتفسير جماعي، يمثله مجمل رأي أعضاء الهيئة، ووفق آلية محكمة بعيدة عن المجاملة.. @ حيوية نظام الحكم.. حيث سوف تُتاح - من حيث المبدأ - أهلية الحكم، والترشيح له لكل من هو صالح من الأسرة من أبناء المؤسس وأبناء أبنائه دون مجاملة، بحكم أن الاقتراع على المرشح سوف يكون (سرياً)، وعليه، فإن التراتبية والمجاملة المعهودتين لن تكونا المعيار في الاختيار. @ سد أ
المصدر-الناشر
صحيفة الرياضرقم التسجيلة
482765النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
14005الهيئات
هيئة البيعة السعودي - السعوديةالمؤلف
يوسف بن أحمد العثيمينتاريخ النشر
20061028الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية