الاحتماء بمراكز القوى..!!
Date
2009-12-07xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14301220Abstract
الاحتماء بمراكز القوى..!!د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر ما حدث في جدة، عروس البحر الأحمر!! التي حول أصحاب (الغلول) والسماسرة عرسها وبهجتها إلى مأتم، يحتاج إلى محاسبة صارمة، ومراجعات دقيقة، بشفافية عالية جداً. ?لقد فتحت كارثة مدينة جدة أعين الغافلين على حقيقة مخيفة، اسمها الفساد. إن غالبية المشاريع القائمة في هذا الوطن الغالي، تشتكي من أمراض مزمنة أولها ما يسمى التجاوزات، وبعبارة أدق التحايل على المال العام بواجهة نظامية. فالمملكة العربية السعودية تأتي في مقدمة الحكومات التي تصرف الكثير، من أجل تنفيذ المشاريع الإنمائية، ولكن المتتبع لمجريات الأمور، يرى أن تكاليف أي مشروع دائماً ما تكون عالية جداً، ومبالغ فيها. بل إن بعضها يصل إلى أرقام فلكية لا تصدق !! إن قصص التجاوزات والمبالغات في جدة على الأخص، تلك (العروس) التي خذلها بعض أبنائها، فصارت بحق بائسة، قديمة جدا. فقضية ?مطار جدة في الثمانينيات الميلادية وما صرف عليه من أموال طائلة، صاحبها الكثير من (الزوبعات الإعلامية)، مازال حديث الناس، الذين فوجئوا أنه لم يكن سوى تنفيذ لتصميم لمطار يعود تاريخه إلى عام 1949، يتنقل المسافر ?بين صالاته بطريقة بدائية، على حافلات نقل باهظة التشغيل، لا توجد إلا في بلد متخلف. ?أما نظام الصرف الصحي، وتصريف السيول في جدة، فهذه كارثة تكلم عنها الكثيرون، لأكثر من عشرين سنة، وصرفت عليها الدولة المليارات، ثم بعد الفجيعة، موت وتشرد المئات من المواطنين والمقيمين، إضافة إلى خسائر بالمليارات، يكتشف المواطن الضحية، وتفاجأ القيادة وولاة الأمر، إنه لم ينفذ منه، إلا أقل من ?15 في المائة. إن السؤال الذي هو بحجم حزننا وفجيعتنا بالضحايا الذين قضوا غرقا، بسبب ضمائر ميتة وذمم خانت الأمانة، التي أناطها بها ولي الأمر هو: أين ذهبت هذه الأموال الطائلة ؟!? هل ستنال يد العدالة من فرط في الأمانة، ووضع وطنه في قائمة الدول الأكثر فسادا، أو أن جدة غير؟!! إن واحدة من مشكلات مناقصات المشاريع في هذا البلد الغالي: أن المشروع يعطى لشركة قد تكون مؤهلة ?ولديها سمعة جيدة. لكن العقد يحول (أو يباع) بعد التوقيع إلى شركة أقل منها خبرة وجودة بسعر أقل، والأخرى تحوله إلى أخرى هزيلة..وهكذا، حتى ينتهي تنفيذ المشروع عن طريق عمالة مستأجرة باليومية، يتم التقاطها من الشارع. لا يوجد رقيب يحاسب، ولا يحق لأحد أن يتساءل عن المواصفات والضمانات، لأن وراء العبث بالمشروع (مراكز قوى) تحميه من المساءلات !!? أبرز مثال على ضياع الأمانة وغياب المسؤولية بهذه الطريقة، ما يحدث في مشاريع الطرق، حيث يعاني المواطنون من التحويلات في تنفيذ الأنفاق الخاصة بتلك الطرق، التي تأخذ عدة سنوات. ثم ما إن يفتتح المشروع حتى? يفاجأ المواطن بعيوب ليس آخرها تصريف السيول، الذي هو من البديهيات التي يدرسها طلاب الهندسة المدنية !! لذا فإن قضية المبالغة في تكاليف المشاريع، والنوعية التي تنجز بها، هي أولاً وآخراً مظهر من مظاهر هوية البلد، ومقياس من مقاييس الرقابة والشفافية لكل دولة، ومدى احترامها وحرصها على المال العام. لقد سعد الجميع بما شدد عليه خادم الحرمين الشريفين بمحاسبة المسؤولين عن كارثة مدينة جدة، (كائنا من كان). ولاشك أن بيانه هذا حفظه الله، يعد توجيهاً ومنهجا جديدا في توجه الدولة الجديد، فيما يتعلق بالأمانة على المال العام، ويحمل رسالة خاصة كذلك لكل مسؤول على وجوب التحلي بالمسؤولية ومحاسبة النفس، وأنه لا أحد فوق الحساب والعقاب إذا ما فرط في الأمانة والمسؤولية. يحمل البيان أيضا، حقيقة أن الوطنية ليست شعارات براقة، ولا يمكن اختزالها باحتفال بيوم وطني أو نحوه، بل هي تقديم مصلحة ?الوطن على المصالح الشخصية، وهو ما يستوجب من كل مواطن، أو مسؤول استشعار المسؤولية. ويستوجب كذلك، وجود جهاز رقابي تنفيذي صارم، يتابع ويعاقب من يخون الأمانة أو يفرط، (كائنا من كان). إن إجراء حسابيا واحدا، سوف يسهم في كبح جماح المتجاوزين. إن بيان خادم الحرمين، يؤسس لحقيقة أن مشاريع الدولة والممتلكات العامة، من الأمور التي لا يسمح لأي مسؤول بتجاوزها، فبالمحاسبة الصارمة نؤصل الوطنية الصادقة.
Publisher
صحيفة الاقتصاديةVideo Number
484690Video subtype
مقالxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
5901The name of the photographer
عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدرDate Of Publication
20091207Spatial
السعوديةجدة - السعودية
جدة - السعودية