السعودية .. حيطة وحكمة وتمتين للنظام
التاريخ
2006-10-23التاريخ الهجرى
14271001المؤلف
الخلاصة
السعودية.. حيطة وحكمة وتمتين للنظام راكان المجالي صدر في المملكة العربية السعودية قبل يومين إعلان مهم عبر نظام قانوني محكم ودقيق تحت عنوان هيئة البيعة والهدف منه هو مواجهة كل الاحتمالات حتى لو كانت نسبة وقوعها ضئيلة جداً، ولكن لأن لهذه الاحتمالات علاقة بحياة الإنسان على هذه الأرض فإن القيادة السعودية حرصت من خلال اصدار هذا القانون تكون الدولة والمصلحة الوطنية العليا فوق الأفراد مهما علت مراتبهم، فالأفراد مهما علت مراتبهم شأنهم شأن بقية البشر يموتون ويقعدهم المرض، ولكن الدولة لا تموت ولا يقعدها المرض إلا إذا كان وجودها مرتبطاً بفرد يزول فيزول معه نظام الحكم الذي اختزله في شخصه.. والمؤكد أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد أراد من اصدار هذا النظام القانوني تأكيد استمرار واستقرار الدولة السعودية بما تمتلكه من تراث ومن امكانيات مالية ضخمة ومكانة عربية وإسلامية وعالمية، وقصد أن لا تترك الأمور المتصلة بالمصير الوطني للصدف وغدر الأقدار تفادياً لأي اجتهادات أو تباينات في الآراء فيما لو حصل أي غياب للملك ولولي العهد، وتفادياً لأي فراغ ومنعاً لأي ارباك وزيادة في الاحتياط نص هذا القانون على معالجة الأمر فيما لو غيب الموت لا سمح الله الملك أو ولي عهده في آن معاً، أو اقعدهما المرض في نفس الوقت، وقد يقال ان هذا الاحتمال بعيد جداً، ولكن المشرع السعودي أراد ان يقول ان حياة البشر وأنفاسهم ونبض الحياة فيهم هي بيد الله، ومن الحكمة تجنب أية مفاجأة تتصل بحياة وموت الإنسان في كل لحظة خاصة عندما تكون حياته ملكاً لوطنه وشعبه. وفي بلادنا يقولون اللهم اكفنا شر ساعة الغفلة التي قد نفقد فيها أعز الناس أو تقع فيها أكبر المصائب دون ان تكون متوقعة أو في الحسبان. والمؤكد أن تشكيل هيئة البيعة التي تضم كل ابناء الملك المؤسس الأحياء أو أحد ابناء كل متوفى أو عاجز أو معتذر منهم هو اضفاء بعد مؤسسي وتوسيع للمشاركة وتعميق للشورى والتواصل، وهو اضافة نوعية لمفهوم القيادة المؤسسية العريقة والأصيلة بقيادة الملك وولي عهده والكبار في العائلة ومواقع السلطة وبما يشكل استثناء لحالات الحكم الفردي المطلق في غالبية اقطار الوطن العربي.. وهذه الخطوة هي تعبير عن ايمان عملي وعميق بأن أرواحنا هي في يد خالقنا، وان أية مكانة يحققها الإنسان لا تحميه من الموت ويجب أن لا تعمى عينه عن أن الموت حق وحقيقة لا ينبغي اغفالها. أهمية هكذا قانون ان يصدر في المملكة العربية السعودية التي تنبهت له رغم ان التماسك والثبات في أعلى درجاته في السعودية على قاعدة تقاليد الحكم فيها وأعرافه الراسخة التي وضع اسسها المرحوم الملك عبدالعزيز بن سعود مؤسس المملكة والتي توفر ضمانة وحماية للنظام والحاكم وتمثل ركيزة للاستقرار والاستمرار والتطور وأكثر من ذلك فإن التماسك والاحترام والانضباط وروح المسؤولية لكل أفراد العائلة المالكة الكبيرة تشكل صلابة لا تتزعزع، فالعائلة السعودية هي العمود الفقري للحكم الذي نجح في توسيع دائرة المشاركة الشعبية والتفاعل الأوسع بين ابناء المملكة في اطار الحكم.. وهذه الخطوة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان هي تعبير عن تقوى الله عبر التسليم بأن الموت قدر كل إنسان في أي لحظة، وما نتمناه أن تأخذ بعض الدول العربية العبرة من هذه الخطوة السعودية، فلا يجوز أن يتجاهل بعض الحكام في دول جمهورية لها تجاربها الديمقراطية خطورة أي فراغ في الحكم نتيجة تعمد عدم تسمية نائب للرئيس، ولا أقصد بلداً واحداً وإنما العديد من الجمهوريات التي لا يوجد فيها نائب للرئيس ولا تسلسل في الحكم ولا قانون يعالج الموت المفاجئ للرئيس في ظل واقع مشحون في هذه البلدان لا يخلو من تلغيم للمستقبل عبر الضجة الدائرة في أرجاء الوطن العربي حول توريث الأبناء في الأنظمة الجمهورية الثورية والديمقراطية!! وقد يعتقد البعض أنني أبالغ في تثمين هذا القرار السعودي، وهو قرار احترازي هام جداً يأتي في وقته في ظرف تتعرض فيه المنطقة إلى الأعاصير والأخطار وهجمة متعددة الوجوه والألوان كما تتعرض منطقتنا إلى أشكال خبيثة من التآمر، والعاقل هو الذي يسعى إلى المزيد من الأمان والثبات والاستقرار والتمكين والقوة وامتلاك رؤية للمستقبل بوعي وثقة وحساب كل الاحتمالات.
المصدر-الناشر
صحيفة الرياضرقم التسجيلة
485606النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
14000الهيئات
هيئة البيعة السعودي - السعوديةالمؤلف
راكان المجاليتاريخ النشر
20061023الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية