الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
السعودية . . وقمة الرياض والعرب
التاريخ
2007-03-26التاريخ الهجرى
14280307المؤلف
الخلاصة
السعودية.. وقمة الرياض والعرب لم يكن من عادة الملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز أن يتحدث إلى وزرائه من خلال الهاتف. فقد كان ذا مهابة ووقار. وخلال الثلاثة عشر عاما التي قضيتها في معيته وزيرا للإعلام فوزيرا للصحة لم يتحدث إلي بالهاتف إلا مرة واحدة. كان ذلك في الساعة الرابعة من مساء يوم الجمعة 9 يونيو عام 1967. جاء حديثه في واحدة من أكثر الساعات كآبة وحزنا في التاريخ العربي المعاصر. كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد أعلن لتوه مسؤوليته عن الكارثة التي مني بها العرب في 5 يونيو عام 1967، وقراره بالتنازل عن الحكم. وكان ملخص التوجيه الذي جاءني من الملك الشهيد أن أتولى بنفسي الإشراف على الإعلام السعودي كي لا يصدر عنه في هذه المناسبة الحزينة ما قد يوحي بالنقد أو الشماتة بالرئيس ـ وكانت المشاعر ملتهبة بالغضب والذهول من سرعة وحجم هذه الهزيمة المروعة ـ وأن أحرص على أن يكون هذا التوجيه موضع التنفيذ. كان في إمكان فيصل بن عبد العزيز أن يتعهد لرئيس ديوانه بمهمة إيصال توجيهه للوزير إلا أن حرصه على هذا الأمر قد دفع به لأن يفاجئني باتصال هاتفي لم يخطر لي على بال. ثم جاء مؤتمر الخرطوم في أعقاب هزيمة حزيران 1967 فكان للمملكة العربية السعودية دور تسامى فيه فيصل بن عبد العزيز على مرارة الماضي وألقى بثقله دعما لمصر ودعما لرئيسها الجريح على نحو ما سجله التاريخ وأتى عليه المؤرخون. هذه صورة من صور العمل العربي في سياسة المملكة العربية السعودية أردت بها أن تكون مدخلا للحديث عن سياسة بلادي في الشأن العربي العام. لقد أمكن لي، منذ أن التحقت بوزارة الخارجية في شهر يناير عام 1951، أي منذ أكثر من خمسة وخمسين عاما، أن أتابع عن قرب مسار هذه السياسة يوميا، ولم يحدث عمل انفعالي أفرزته مواقف متعجلة أو اندفاع من غير حكمة وأناة. وقد تأتي الأحداث السياسية على نحو مباغت وعنيف ـ ما قد يربك العقول ـ إلا أن مواقف المملكة العربية السعودية من الأحداث تمليها قناعات توارثتها القيادات السعودية توارث الالتزام وظلت أمينة عليها لتثبت الأيام سلامة الرؤية فيها. ومن الثوابت في هذه السياسة أن المملكة العربية السعودية لا تقبل أن يتدخل أحد في شؤونها كما أنها لا تجيز لنفسها التدخل في شؤون الآخرين. وغالبا ما تنأى بنفسها عن أي حدث عربي إذا لم يكن في ذلك الحدث مساس بمصالحها أو إذا لم يطلب إليها أن تكون الطرف الوسيط في تداعيات ذلك الحدث. والمملكة العربية السعودية تستلهم هذه السياسة من واقعها الإسلامي والعربي. فهي الدولة المسلمة التي يجب أن لا تدخل في نزاع مع دولة مسلمة أخرى. ويجب أن تظل حدودها مشرعة الأبواب كي يفد إليها الحجيج حتى من الدولة التي دخلت معها في نزاع. فلا يمكن للمملكة العربية السعودية أن تحول دون وصول الحجيج إليها من الدولة المتنازعة معها لأن الحج فريضة وركن من أركان الإسلام الخمسة، وليس هناك من حائل على وجه الأرض يمنع مسلما من أداء ركن من أركان دينه. وقد ظلت المملكة العربية السعودية تمارس سياستها الخارجية بتواضع وعلى استحياء، كما قيل عنها، حتى وصفت تلك السياسة بأنها سياسة العزوف واللامبالاة. وهذا تخريج في غير موضعه. فالمملكة ظلت، عبر تاريخها الطويل، على استعداد للاستجابة لأي مسعي يصلح ذات البين بين دولتين مسلمتين أو دولتين عربيتين، تؤهلها لتلك المهمة الثقة المتناهية للأطراف المتنازعة في حيادها وتجردها في الحكم على الأحداث وحرصها على أن تكون على مستوى الثقة التي وضعت فيها. ففي أواسط أعوام الخمسينيات من القرن الماضي تأزمت الأمور بين أفغانستان وباكستان وكادت أن تنذر بحرب شاملة بين البلدين. ولم يجد البلدان من وسيط يعهدون إليه بمهمة النظر في الخلاف إلا المملكة العربية السعودية حيث أوكل الملك سعود بن عبد العزيز إلى عمه الأمير مساعد بن عبد الرحمن وزير المالية السابق يرحمه الله مسؤولية هذه المهمة الكبيرة. وما أن ينفجر خلاف بين دولتين عربيتين إلا ويتوجه أطراف النزاع للمملكة العربية السعودية للتوسط في ذلك الخلاف. والمملكة في تجاوبها هذا لا تسعى إلى دور تلعبه، أو إلى أن تكون في دائرة الضوء من الأحداث. بل إنها ترى في هذه الوساطة قدرا مكتوبا وسعيا تمليه روابط الإخاء، وأمانة في العنق لا سبيل إلى التخلي عنها أو التفريط فيها. وتاريخ المملكة مليء بالشواهد على ما قامت به شخصيات سعودية رفيعة المستوى من وساطات عربية بتكليف من الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد يرحمهم الله. الآن، تنعقد قمة الرياض والأمة العربية مثقلة بالجراح بمشاكل معقدة في العراق وفلسطين ولبنان والسودان. وكل مشكلة هي أشد تعقيدا من المشكلة الأخرى.. وقد اعتاد المواطن العربي في مدة الخمسين عاما الماضية أن يرى القمم العربية تنعقد وتنفض دون أن يكون فيها حد أدنى من الاستجابة لأمانيه. فانصرف عنها، و
المصدر-الناشر
صحيفة الشرق الأوسط - طبعة القاهرةرقم التسجيلة
490279النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
10345الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودجمال عبدالناصر
الملك فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الموضوعات
السعودية - العلاقات الخارجية - العالم العربيالسعودية - العلاقات الخارجية - العراق
السعودية - العلاقات الخارجية - فلسطين
المبادرة السعودية للسلام
مبادرة الملك عبدالله للسلام
الهيئات
جامعة الدول العربيةالمؤلف
جميل الحجيلانتاريخ النشر
20070326الدول - الاماكن
السعوديةالسودان
العالم العربي
العراق
فلسطين
لبنان
مصر
الخرطوم - السودان
الرياض - السعودية
القاهرة - مصر
القدس - فلسطين
بغداد - العراق
بيروت - لبنان