الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
عبقرية المكان : ممنوع الفشل بعد مكة
التاريخ
2007-02-15التاريخ الهجرى
14280127المؤلف
الخلاصة
عبقرية المكان: ممنوع الفشل بعد مكة كثيرة هي المؤشرات التي حفزت التفاؤل بلقاء فتح وحماس في المملكة العربية السعودية، وغالبة هي العبارات التي سبقت اللقاء وأوعزت بحتمية النجاح. وكان لجلال الدعوة وملكها مكانتهم السامية، ولقدسية المكان ورحابته عبقريته الخلاقة. لذا، تكلل المسعى بنتيجة الوعد الصادق من الجميع، واتفق الطرفان على النجاة بنجاح يحسب فضله للداعي والمدعويين، ولم يكن أمام الجميع من خيار غير نجاح فرضته كل الوقائع. لقد كانت حقائق الصراع عنيدة، ولم يكن لمشروع الوحدة أن ينجز على أنقاضها،. حيث علمتنا تجارب أسابيع الاقتتال المريرة أن كل المحاولات التي بذلت لتهدئة هذه الحقائق كشرط للوحدة الوطنية باءت بالفشل، وذلك لأن مكانة العقل ملأتها العواطف الأثيرة لانفعالات التعصب والتطرف المعلق بين شُعب الإثارة الآنية، التي أدارت بالمرارات الصغيرة الصراع. فصارت للشك قواعد متجذرة بين الفريقين، وخشينا أن تتملك لها امتدادات في الجسم الاجتماعي الفلسطيني بكامله. لذلك كان لابد للعقل أن يعود، بعد أن اقتلعته ريح المفاجأة، وأن يُبصر الحقائق برؤية واضحة، ويمحصها ببعد نظر، ويقيمها بجلاء فكر مستقيم. لأن طريق الحل لا يمر عبر محاربة الأسباب التي أدت الى الصراع، وإنما عبر دراستها وتوفير الحرية اللازمة للتفاوض الآمن حولها، حتى تتوفر القناعات المواتية لانخراط الفريقين في مشروع الوحدة والتوحيد مجددا. فالمشترك الوطني، لا يعني إلغاء الخصوصيات بين فتح وحماس، وإنما يتطلب، بل يستوجب، احترامها وفسح المجال له، لكي تمارس دورها ووظيفتها في إثراء مفهوم الوحدة الفلسطينية بمضامين راسخة، تتجاوز الرؤية الأحادية والنهج الإقصائي. لذا، كانت الدعوة للقاء مكة المكرمة موجهة للعقل، ومواجهة له أن يوقف، بدءاً، التعاطي مع انحراف التقديرات المتسرعة نحو التطرف، التي دفعت للصراع وإراقة الدم الفلسطيني. فتكون إجماع، حتى قبل بدء اللقاء، حيث أكدت الحركتان قدرتهما على انجاحه، فقالت فتح إن «لديها الإرادة والقرار» للتوصل الى اتفاق مع حركة حماس. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية «ليس أمامنا خيار إلا خيار الاتفاق، إذا خلصت النوايا وصدقت العزيمة وغلبنا المصالح العليا فنحن على يقين أننا سنتفق». وجاء الفريقان بصفاء الوعد الى «قصر الصفا» المطل على الحرم المكي، وأقام وفدا فتح وحماس في بيت خادم الحرمين الشريفين، الذي يستقبل فيه ضيوفه في المدينة المقدسة. وأكدا ألا خروج من «الصفا» إلا باتفاق. وفي افتتاح جلسة لقاء الحوار الفلسطيني في مكة المكرمة، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقوله «لن نخرج من هذا المكان المقدس إلا ونحن متفقون». أما مشعل فقال، رداً على الرئيس الفلسطيني، جئنا لنتفق ولن نغادر هذا المكان الا متفقين. ولا مجال لنا إلا أن نتفق، و«ليس أمامنا إلا أن ننجح وممنوع علينا أن نفشل»، لأن «الوضع لا يحتمل الفشل»، و«لا خيار أمامنا سوى النجاح». وصدقا الوعد. فقد هدف اجتماع مكة المكرمة الى بحث سبل وضع حد للاشتباكات التي شهدتها غزة، وغيرها من المناطق الفلسطينية، وراح ضحيتها عشرات الأبرياء، كشرط ممهد لاتفاق أشمل، وهدف أول. فأسفر اللقاء عن هدنة عسكرية طويلة الأجل بين الجانبين، لم يستقبلها الفلسطينيون بالشك مثلما فعلوا مع غيرها، وإنما عبروا عن ثقتهم بها فانطلقت أهازيج الفرح، لافتة الانتباه الى أن ما حصل على الأرض من سفك للدماء قد محاه هذه المرة اتفاق مكة، وما يتوفر من وراء مكة من ضمانات، الثقة فيها أقرب الى التحقق من سالف الوعود، التي انهارت قبل نشر بلاغها في الشوارع. وما كان للسعودية أن تقوم بدعوتها لاجتماع مكة لو لم تكن واثقة من قدرتها على تحقيق حلول محروسة بهذه الثقة، ومتيقنة من إمكانية حدوث وفاق واتفاق يؤدي الى هدنة طويلة الأجل، ويكون مرتكزاً لحل سياسي دائم بين الجانبين. وقد صدق الحدس والحديث، وتكللت المساعي بالنجاح المطلوب والمرغوب من كل أطرافه. فهذا بعض عبقرية المكان المقدس، ورصيد حكمة المملكة، التي سبق للقيادة السعودية ودبلوماسيتها أن ظفرت به حين انعقد لها اجماع عربي نادر في قمة بيروت، يوم أن قدمت مبادرة سلام عربية ترفع وطأة الاحتلال عن كاهل الفلسطينيين. ولا نود هنا أن نُفصل تفاهمات «إعلان مكة» الذي طبقت عام أخباره الآفاق، اعترافاً بتقصيرنا في إمكانية إعطائه تعريفاً دقيقاً، جامعاً ومانعاً. فليس بإمكاننا أن نُعرِّف ما غشاه التكتم تعريفاً يشذ عن سلامة مضامينه، وأصالة متنه، وبلاغة روحه، ولكنها قراءة عامة يلزم بها فرض المشاركة في شأن شملتنا خصوصيته وخصنا شموله، لأن الصراع الذي قاد الفرقاء الى مكة أورثنا سقماً في الفهم، ويأساً من اعتدال الحال على جادة الصواب. ورغم كثرة انشغالنا بمسائل مختلفة حول هذا الصراع ومعه، ولكن وجدنا أنه يجمعها محور واحد وهو موضوع الحكم
المصدر-الناشر
صحيفة الشرق الأوسط - طبعة القاهرةرقم التسجيلة
491925النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
10306الموضوعات
السعودية - العلاقات الخارجية - العالم العربيالسعودية - العلاقات الخارجية - فلسطين
المبادرة السعودية للسلام
مبادرة الملك عبدالله للسلام
الهيئات
حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية - حماس - فلسطينحركة فتح - فلسطين
منظمة التحرير الفلسطينية - فلسطين
المؤلف
الصادق الفقيهتاريخ النشر
20070215الدول - الاماكن
اسرائيلالسعودية
الشرق الاوسط
العالم الاسلامي
العالم العربي
العراق
فلسطين
لبنان
الرياض - السعودية
القدس - فلسطين
بغداد - العراق
بيروت - لبنان