هيئة البيعة : دقة وشمول
التاريخ
2006-10-23التاريخ الهجرى
14271001المؤلف
الخلاصة
هيئة البيعة: دقة وشمول د. عبدالله بن إبراهيم العسكر لا أبتعد عن الحقيقة عندما أقول إن الملك عبدالله يشكل نقطة تحول في تاريخ الملكية السعودية. وهو لم يمض وقتاً طويلاً في سدة الملك، إلا أنه بدا لي كأنه يسارع الزمن من أجل اقتراح إصلاحات واسعة تطال الشأن الداخلي والخارجي.. وخلال سنة واحدة انشغل المراقبون في الداخل والخارج في مراقبة القرارات الملكية التي تصدر تباعاً، والتي تخص الشأن الداخلي والشأن الخارجي على السواء.. والملفت للنظر ضخامة بعض القرارات، وأهميتها، وأنها لم تأت خبط عشواء، أو تأتي كردود فعل لأمور آنية. كل القرارات التي صدرت خلال سنة تتصف بالجراءة، والصدق، والدراسة المتأنية، والاتساق مع الوضع الداخلي أو الوضع الخارجي. وليس من وكدي في هذا الحديث ان ألمّ بكل القرارات. ولكني سأختار منها قرارين كبيرين صدرا في شهر رمضان الماضي: الأول قرار يخص استراتيجية معالجة الفقر على مدى سنوات قادمة. وقد كتب عن هذا القرار ما يبيّن أهميته على كل الأصعدة. والأمر الجميل في استراتيجية الفقر أنها لم تعالج الفقر كحالة معيشية حالية، أو قل انها لم تعالج الفقر كظاهرة يعاني منها مئات الأسر في ربوع البلاد. بل انصب العلاج على محورين: الأول سد العوز القائم. والثاني معالجة أسباب الفقر من جذوره. فالفقر كما يعلم الجميع ليس مرضاً في ذاته، بل هو عرض لأمراض، بعضها مزمن يحتاج إلى سنوات. وأضرب مثالاً واحداً ليتبين القصد. هذا المثال هو: ارتباط الفقر بالجهل، وارتباطه بالبطالة، وارتباطه بالمرض. لا أقول كما قال مالتوس إن هذا يشكل ثالوثاً مزعجاً.. بل اقول ان الفقر في كل الأمثلة السابقة لا يمكن علاجه بالمسكنات فقط، ولكن لابد من معالجة الجهل والمرض والبطالة. لأن فقراً بعد هذا يصبح خياراً شخصياً لا تنفع معه المعالجة. المثال الثاني الذي هو مدار حديث هذا الأسبوع هو صدور نظام هيئة البيعة. والصدق أن هذا النظام لم يكن معروفاً في تاريخ الملكية السعودية عبر تاريخها الذي يمتد إلى ثلاثمائة سنة أو تزيد.. بل إن تنظيم انتقال الحكم الوراثي أو غير الوراثي لا يبدو أنه يشغل بال من يتربعون على سدة الحكم في معظم حقب التاريخ العربي القديم والمعاصر.. ولا داعي لإعطاء أمثلة من تاريخ العرب المعاصر، فالأمثلة كثيرة ومعروفة للجميع. وليس بعيداً أن من أسباب فشل تجربة الخلافة الراشدة انها لم تملك نظاماً لتداول السلطة، لهذا شب العنف وأدى إلى اغتيال ثلاثة خلفاء من أربعة. وهذا بالمقياس السياسي يعد فشلاً ذريعاً، لا يمكن قبوله أو الدفاع عنه. وفي تاريخ العرب المعاصر سمعنا ورأينا كيف انقلب الابن على أبيه أو كيف قتل الأخ أخاه، وكيف تحولت أنظمة جمهورية إلى أنظمة ملكية. في الشأن السعودي فإن انتقال السلطة بدا سلساً إلى حد كبير، ومعظم ما خرج عن صفة السلاسة لم يكن صراعاً بين مستحقين لتولي السلطة، بل هو صراع بين قوى سياسية أحد أطرافها خارج عن دائرة الاستحقاق، أو هو مدفوع بقوى خارجية. جاء نظام هيئة البيعة في الوقت المناسب. ليسد فراغاً في فلسفة تداول الحكم في السعودية، لذا يمكن القول ان الملك عبدالله يعد المؤسس الثالث لشرعية الدولة السعودية الحديثة.. فإذا كان الملك عبدالعزيز أسس الدولة من العدم، ورفع البناء الشامخ، فإن الملك فيصل رسخ البناء، ونقل الدولة إلى دولة عصرية، متينة الأسس الداخلية، مقبولة الأسس الخارجية.. والملك عبدالله أكمل ما بدأه الملك فهد في إصدار النظام الأساسي للحكم بإصداره نظام هيئة البيعة. المعروف تاريخياً أنه لا يوجد قانون مكتوب ينظم مسألة تداول السلطة في المملكة، ما عدا ان الملك عبدالعزيز عقد لابنه الملك سعود بولاية العهد، وعقد لابنه الثاني الملك فيصل بولاية عهد أخيه، وما فعله الملك عبدالعزيز كان يلبي حاجات عصره. وكان تعامل أبناء الملك عبدالعزيز مع مسألة الحكم تنم عن احترام لتقاليد الأسرة، وتوحي بمبدأ عربي قديم عززه الإسلام وهو تقديم الكبير سناً، حتى ولو كان الفرق العمري ضئيلاً. وسارت مسألة تداول السلطة بين أبناء المؤسس بسهولة، لكن الوضع الراهن لا يشبه الزمن الماضي، لقد استجدت أمور وقضايا داخلية وخارجية تحتم إدخال إصلاحات على مؤسسة الحكم. ولعل أكبر حاجة ملحة هي أن يقنن تداول السلطة، وأن يقنن ما قد تواجهه السلطة من أزمات تستوجب تحاشي الفراغ السياسي، فأمر الدول الحديثة، وتشابك مصالح الدول لم يعد يقبل أن تواجه الدولة المستجدات بردود فعل آنية. إن سمة الدولة العصرية هي أن تقوم بإصلاح دستوري مكتوب يلتزم به الكل. والإصلاح الدستوري يصب في مصلحة الملكية السعودية ويصب في مصلحة الدولة. مواد نظام هيئة البيعة جاءت كما تقول العرب في أمثالها: ضربة لازب. فهي جاءت لتعالج قضايا كثيرة هي مدار الدوائر السياسية في الداخل والخارج. وأنا أعتقد أنها جاءت استجابة طبيعية لوعد قطعه ال
الرابط
هيئة البيعة : دقة وشمولالمصدر-الناشر
صحيفة الرياضرقم التسجيلة
505502النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
14000الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودالملك سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الملك فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الهيئات
هيئة البيعة السعودي - السعوديةالمؤلف
عبدالله بن ابراهيم العسكرتاريخ النشر
20061023الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية