الأربعاء الأسود والقلوب الخضراء
التاريخ
2009-12-03التاريخ الهجرى
14301216المؤلف
الخلاصة
الأربعاء الأسود والقلوب الخضراء ابتهال مبارك أية محاولة للتنظير حول أسباب كارثة جدة في مقال رأي تبدو لي على الأقل شخصياً عقيمة وفارغة بل مضحكة. الحقيقة أننا وعينا على جدة وذات السيناريو الهزلي يتكرر عند نزول زخة مطر لبرهة وجيزة، والتي تكون كافية جداً لملء البرك في الحفر التي تزدان بها الشوارع، وتخترق جدران بعض البيوت والمدارس المؤجرة، موجهة قطراتها لدفاتر الصغيرات والصغار، وأحياناً كثيرة ينتج عنها خراب بيت متواضع هنا وهناك، وتغرق مدينتنا الجميلة في بركة ماء. ينتهي المطر بتذمر الأهالي الشفاهي، لنقرأ مع قهوة الصباح في الجرائد صبيحة اليوم الثاني ذات التحقيقات الهزيلة والصور المكررة للضحايا «الغلابة»، الذين لا يملكون من الاحتجاج سوى التموضع أمام كاميرات الصحافة؛ لتوضع صورهم جوار التصريحات البائتة لمسؤولي الأمانة والمياه والصرف الصحي وأخيراً المجلس البلدي وغيرهم، التي بالطبع وككل مرة تنتهي بالتسويف والتبرير الممجوج. ذات الأحداث تتكرر كل مرة فقط باختلاف أسماء المسؤولين وانقسام لجانهم، التي تتكاثر بالانشطار الجشع، وترتع في الفساد بالتوازي مع اتساع الحفر ورائحة التصريفات العطنة. بعد صدور الأمر الملكي السامي بالتحقيق العاجل، وتكوين لجنة بصلاحيات واسعة، تبدأ مهامها السبت المقبل باستجواب المسؤولين السابقين منهم والحاليين، تحول إحباط الأهالي وعجزهم وحتى غضبهم إلى اطمئنان وأمل ليس في إعادة الوضع إلى ما كان عليه أبداً، فالكارثة الأكبر في أن تعود المياه «إلى مجاريها»؛ لأنه لا مجاري لدينا في الأساس. بل الأمل بأن يجتث هذا الفساد الإداري الموجود في جدة في بعض المناقصات والمشاريع من أساسه بلا رحمة ولا هوادة. الرؤوس التي أينعت وتورمت يا خادم الحرمين الشريفين قد حان قطافها بل سحقها. الغرقى ومشاهد انتشالهم من المياه الطينية التي ستطاردنا ماحيينا، ونحن نتخيل كيف جرف السيل بهم مع أكبر وأعتى السيارات والتريلات الضخمة التي بدت وكأنها لعب أطفال وسط هذه السيول. لن أنسى ماحيت المقطع الذي شاهدته والجماهير في أحد الأحياء تتساعد في انتشال جثث موتاهم، رأيتهم يخرجون جثة طفلة في العاشرة ليتساعدوا بعدها على رفع جثة امرأة شابة من يديها المرة تلو الأخرى إلى أن استطاعوا بصعوبة، فلا بد أن جسدها امتلأ وتورم من المياه التي احتجزت فيها كل هذه المدة. تقول يا خادم الحرمين الشريفين إن ما حدث هو «أحداث مأساوية»،....
المصدر-الناشر
صحيفة عكاظرقم التسجيلة
510804النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
15804المؤلف
ابتهال المباركتاريخ النشر
20091203الدول - الاماكن
السعوديةجدة - السعودية
جدة - السعودية