الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
صحتنا في ورقة عمل
التاريخ
2006-04-26التاريخ الهجرى
14270328المؤلف
الخلاصة
لفت نظري خبر صحفي صغير في إحدى صحفنا المحلية، عن ورقة عمل قدمها فرع ديوان المراقبة العامة بمنطقة مكة المكرمة، في ندوة أقامها الديوان مطلع هذا الشهر بمعهد الإدارة العامة في الرياض. عرضت «ورقة العمل»، في تقرير مفصل، نتائج عملية تقييم أجراها الديوان عن مستوى الخدمات الصحية، وعن أداء القطاع الصحي عموما، في المملكة خلال الثلاث سنوات الماضية، مشيراً إلى تدني مستوى هذه الخدمات، ومحذرا من مستويات أسوأ، إذا ما ظل الحال على ما هو عليه. دعوني أشيد، أولا، بجدية ورقة العمل هذه، وبالجهد والشفافية المتوافرين فيها، ولأني أثرت في مقال سابق سؤالا عن أثر جهود ديوان المراقبة العامة في أداء القطاع العام، أستخدم هذا التقرير عن هذه الجهود المقدرة، لتأكيد السؤال، ولإظهار خوفي من أن يتحول التقرير إلى أضابير إدارة حكومية ما فيحفظ، أو أن ينتهى إلى مجرد حديث ألقي في محفل ما ثم يلفظ. عجبت، بداية، لماذا هي ورقة عمل وليست دراسة أو مجرد تقرير رسمي؟ ولماذا عرضت في ندوة؟ وما جدوى طرحها للنقاش العام؟ مفهوم أوراق العمل أنها تقوم على أفكار قابلة للبحث والنقاش والتعديل والتطوير من قبل افراد لهم ذات الاهتمام، وحسب معلوماتي المتواضعة، ديوان المراقبة العامة ليس جهة تثقيفية بل رقابية بحتة، فإن أضاف الديوان هذه الخدمة فنعما هي، إلا أن سؤالي يظل قائما، إلى من تقدم تقارير ديوان المراقبة العامة؟ ومن الحري بنقاشها؟ ولتأكيد خشيتي من نقص في الأجهزة والمعدات واللوازم والكوادر الصحية.. هل بقي شيء؟! أن «ورقة عمل» كهذه، تحمل معلومات هامة كهذه، قد أخطأت العنوان، سواء إلى النشر في تقرير صحفي، قد يبطن أكثر مما يظهر، أو للنقاش في ندوة عامة قد لا تضيف للورقة جديدا، لذا سأستعرض معكم بعض ما جاء في ورقة، أو بالأحرى تقرير ديوان المراقبة عن مستوى خدماتنا الصحية، وصدقوني أن «بعضا» منها كاف ودال، لنرى إن كانت قد ضلت العنوان حقا؟ تتحدث نتائج التقرير عن أشياء نكاد نعرفها جميعا، ولكنها هنا موثقة ومن جهة حكومية موثوقة. نقص في الأجهزة والمعدات الطبية، نقص في لوازم المختبرات والأدوية الضرورية، نقص في الكوادر الطبية والفنية والتمريضية، عدم مناسبة مواقع مستودعات الأدوية ومستلزمات المختبرات، عدم توفر بعض اصناف الأدوية و/أو عدم كفاية المخزون منها. هل بقي شيء؟ نعم، فالتقرير حافل.. هناك أدوية منتهية الصلاحية، ونواقص في عدة مستلزمات طبية صغيرة مثل قفازات.. إبر تطعيم.. مطبوعات لوصفات وتقارير طبية، حتى أنه نبه إلى تدني مستوى النظافة بأقسام التنويم ودورات المياه، وتأكيد التقصير في أعمال الإشراف والمتابعة والصيانة. وينتهي التقرير بالحديث عن انعدام وجود معايير مهنية للخدمات الصحية لقياس كفاءة وفعالية الخدمات المقدمة، وعدم قيام بعض المقاولين بإجراء الصيانة الوقائية للأجهزة الطبية، ثم يخلص إلى ذكر النقص في عدد المراكز الصحية الأولية بالأحياء، ويقول إن معظمها مستأجر، وهنا يوصي بإشراك القطاع الخاص في تمويل إيجاد المزيد من هذه المراكز، وهنا قد أختلف مع «ورقة العمل» هذه، التي من المفترض أن لا تطرح توصيات، بل تقرر واقعا فقط، خصوصا إذا كانت صادرة عن جهة رقابية. الرعاية الصحية واحدة من أهم وظائف الدولة، فإذا علمنا أن بعض القطاع الخاص، للأسف، يعني مقاولي ظهر ومقاولي بطن، وأن بعض هذه المراكز كان ضحية بالفعل لما يمكن أن يسمى السوق السري للمقاولات، علمنا لماذ التكدس دائم على هذه المراكز،ولماذا الازدحام ولماذا نقص الدواء.. ولماذا التقرير أصلا. اتجاوز هذه النقطة إلى التساؤل عن وجهة هذا التقرير. هذه حالة تمثل فحوى خطاب خادم الحرمين الشريفين أمام مجلس الشورى حول محاربة الفساد، هذا هو الفساد بعينه، فكيف علينا محاربته؟ لا أبحث عن محاسبة أحد أو النبش في الماضي، أتطلع دائما للمستقبل، وإلى تحسين وإصلاح الحاضر للوصول إليه. ولن اقارن بين تدني مستوى خدماتنا الصحية العامة في مقابل نمو وازدهار خدماتنا الصحية الخاصة والأهلية، ولن أسأل من استفاد على امتداد الثلاثين سنة، وليس فقط الثلاث الماضية حسب التقرير، من وضع كهذا؟ يكفي أننا نعرف من خسر وهو عامة المواطنين من مراجعي المستشفيات الحكومية، وأنا واحد منهم. أسأل فقط لماذا لم تقدم نسخة من التقرير إلى مجلس الشورى؟ أو لماذا لا يطلب مجلس الشورى نسخة منه لمناقشتها، ألم تلق الكلمة الملكية عن محاربة الفساد في رحاب مجلسنا الموقر؟ آمل علي الأقل أن تنتهي نسخة منه إلى وزير صحتنا الشاب، علنا نسمع منه قريبا تحسينا أو إصلاحا للوضع، والله من وراء القصد