التكامل الإقتصادي السياسي في زيارة الملك عبدالله لتركيا
التاريخ
15-8-2006التاريخ الهجرى
14270721الخلاصة
يمكن أن نطلق على زيارة الملك عبد الله لتركيا اسم (الزيارة المتكاملة) عطفا على محاورها الشاملة التي تنوعت بين السياسة والاقتصاد والعلاقات الإنسانية الداعمة للشعوب والحضارات. لم تقتصر الزيارة على مناقشة الهم السعودي فحسب، بل تعدتها إلى هموم الأمة الإسلامية التي أصبحت الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين. ربما كان لتوقيت الزيارة أثر بالغا في إعطاء بعض المحاور السياسية الحساسة مساحة واسعة من البحث والنقاش عطفا على الأحداث الدامية التي يشهدها العراق ولبنان حاليا، إلا أن ذلك لم يمنع من تناول الشأن الاقتصادي المهم على أساس التكامل الاقتصادي المفضي إلى تحقيق التضامن بين دول العالم الإسلامي. فإذا كان المراقبون ينظرون إلى الزيارة الملكية على أنها تمثل النقلة النوعية في العلاقات السعودية - التركية، فمن باب أول النظر إليها من زاوية أكثر شمولية تتجاوز العلاقات الثنائية بين البلدين إلى العلاقات الإسلامية الشاملة الداعمة للأمة الإسلامية، لذا يمكن أن ننظر إلى الزيارة الملكية من جانب آخر وهو جانب توثيق العلاقات بين الدول الإسلامية ككتلة على أسس استراتيجية متقدمة تضمن التنسيق والتعاون وتؤسس لخلق تكامل اقتصادي سياسي يمكن أن يكون سورا حاميا للدول الإسلامية، على اعتبار أن العلاقات السعودية - التركية إنما تسخر من أجل خدمة البلدين على وجه الخصوص وخدمة الأمة على وجه العموم. بعيدا عن القضايا السياسية الحساسة التي تناولتها المباحثات المشتركة، فإن الزيارة الملكية الكريمة حققت نجاحا في تناول القضايا الاقتصادية المهمة، وأجزم بأن القيادة السعودية قد خططت جيدا لإحداث هذا التأثير الاقتصادي من خلال تحديد محاور البحث، وإنجاز توقيع الاتفاقيات الاقتصادية المهمة، وفتح الباب على مصراعيه لرجال المال والأعمال في البلدين من أجل تطوير العلاقات الاقتصادية ورفع حجم التجارة البينية وزيادة استثماراتهم المالية بحرية تامة، والبحث عن فرص التعاون الاقتصادي وتنفيذ المشاريع المشتركة، والتواصل الإيجابي بين الشخصيات الاقتصادية في البلدين. هذا ما دعا له الملك عبد الله في كلمته التي ألقاها في تجمع لرجال الأعمال حين قال (إن المجال الآن مفتوح أمام رجال الأعمال في البلدين والمرجو منهم أن يبادروا إلى إقامة المزيد من المشاريع المشتركة، وإلى استثمار المزيد من الأموال، وإنني على ثقة بأن المردود، سوف يكون - بعون الله - مجزياً وينعكس بصورة مباشرة على رخاء الشعبين الصديقين). توقفت كثيرا عند فقرة من فقرات الخطاب الملكي الكريم، حين تحدث فيها الملك، بكل فخر واعتزاز، عن العلاقات السعودية - التركية على المستويين، الشعبي والاقتصادي، حين قال( إننا نلاحظ، بسرور، تطور العلاقات التركية - السعودية، لا في المجال السياسي فقط، بل في المجال الشعبي، وفي المجال الاقتصادي. فيما يتعلق بالاتصالات بين الشعبين، تشير الإحصائيات إلى أن عدد السياح السعوديين القادمين إلى تركيا يقرب من 50 ألف سائح في العام. ونحن من جانبنا نسعد باستضافة 100 ألف مواطن تركي، مؤهلين تأهيلاً عالياً، يشاركوننا في تنمية الوطن واعتماره). هي جزئية ذات مغزى بالغ ومؤثر في النفوس البشرية خصوصا عندما يكون محور العلاقات الإنسانية هو المحرك الحقيقي لعلاقات التبادل التجاري وليس العكس. التحدث عن المجموعات الإنسانية بوجه خاص وربطها بالعلاقات الإنسانية المفضية إلى الشراكة الاقتصادية والتبادل التجاري، ومن ثم الإقرار بالمنفعة، عادة ما يكون لها التأثير الأكبر في توثيق العلاقات الإنسانية والتجارية على أسس متينة من الحب، والأمانة والإخلاص. العلاقات الاقتصادية - السعودية التركية يمكن لها أن تتوسع لتصل إلى الدول الأوربية من خلال منظومة التواصل الدولي التي قد تلعب فيها تركيا مستقبلا دورا محوريا في الربط بين الأسواق الإسلامية والأوربية. علاقة تركيا بالدول الأوربية، ومباحثاتها الرامية إلى الانضمام لاتحاد الدول الأوربية سيكون له الأثر الإيجابي مستقبلا على العلاقات الاقتصادية والاتفاقيات الموقعة بين تركيا والسعودية، وهذا جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الاقتصادية التكاملية بين البلدين. أجزم أن الملك عبد الله بن عبد العزيز بدأ بالفعل في إعادة تشكيل استراتيجية التضامن الإسلامي من خلال إرساء استراتيجية التكامل السياسي الاقتصادي على أسس من التعاون المشترك والاحترام المتبادل بين الشعوب الإسلامية. السياسة قد تفتح أبواب العلاقات الدبلوماسية، أما الاقتصاد فهو الكفيل بضمان استمراريتها، والتحول بها من مرحلة التواصل إلى مرحلة الاندماج الكلي بين الشعوب.
المصدر-الناشر
صحيفة الجزيرةرقم التسجيلة
609680النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
12374الموضوعات
السعودية - العلاقات الخارجية - العالم الاسلاميالسعودية - معاهدات - العالم الاسلامي
العالم الاسلامي
العلاقات الاقتصادية
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - الزيارات
تاريخ النشر
20060815الدول - الاماكن
السعوديةالعراق
تركيا
لبنان
أنقرة - تركيا
الرياض - السعودية
بغداد - العراق
بيروت - لبنان