الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
شكرا أبا متعب
التاريخ
2009-02-14التاريخ الهجرى
14300219المؤلف
الخلاصة
سعدت كثيرا بخبر تمديد برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي لخمس سنوات أخرى؛ فالحضارات لا تبنى فقط بالحجارة والاسمنت.. وثروات الأمم لا تحسب فقط بالمال والمناجم.. ومنافسة الآخرين لا تعتمد فقط على التصنيع والتصدير؛ فكل هذا نتيجة ثانوية لعقول شبابها, وخبرات أبنائها, وانفتاح أهلها على تجارب الأمم السابقة لها.. وفي حين يحسب التاريخ لخادم الحرمين إنجازات وطنية كثيرة؛ سيكون برنامجه للابتعاث الخارجي أكثرها فائدة وديمومة وتأثيرا على نهضة البلد.. فليس أعظم من بناء العقول والاستثمار في التعليم.. وليس أفضل من استيراد خبرات العالم من خلال أبناء الوطن.. وليس أفضل من التعريف بثقافتنا وحضارتنا من خلال الاحتكاك المباشر بالشعوب الأخرى.. وأنا هنا لست بصدد تعداد محاسن الدراسة في الخارج (خصوصا أنني سبق وكتبت مقالا بهذا الشأن بعنوان: في الابتعاث سبع فوائد) بل للتأكيد على أن فكرة الابتعاث ذاتها أصبحت ضرورة وفرض كفاية في عصرنا الحالي.. ففي الماضي كانت المجتمعات تنشأ وتتطور ضمن نطاقات محدودة ومعزولة عن بعضها البعض.. فالحضارة الفرعونية مثلا نشأت بمعزل عن الحضارة الفارسية، والحضارة الفارسية بمعزل عن البابلية، والبابلية بمعزل عن الاغريقية، وكل هؤلاء لم يسمعوا بوجود حضارة الأنكاس في أمريكا الجنوبية.. أما اليوم فمن المستحيل أن تبني حضارة أو تقيم دولة دون أن تنفتح وتتعامل مع المجتمعات والثقافات الأخرى.. يستحيل أن تتقوقع داخل بلدك وثقافتك وتكتفي فقط بمنتجاتك وخبراتك المحلية.. فالعالم أصبح منفتحا ومتداخلا بشكل كبير ولم يعد أمامنا سوى اقتحامه بقوة وجراءة وقدرة على المنافسة (ولا يتم هذا دون امتلاك عقول عالمية مؤهلة).. وفي المقابل؛ يمكن لأي مجتمع دفن رأسه في الرمال، وإغلاق عينيه عما يجري حوله، وسيرحب كل العالم بتوجهه هذا .. فالعالم لا يهتم ولا يخاف أصلا ممن يتقوقع على نفسه، بل يخاف من ظهور منافس جديد يعرف سر الصنعة ويلعب بذات السلاح! ... والأخطر من هذا أن عدم الانفتاح (لا يضمن فقط تخلف المجتمعات المنغلقة على نفسها) بل وتقلص ثقافتها المحلية الى حدود الضعف والتلاشي .. كيف مثلا سننشر ديننا وثقافتنا دون انفتاح على الثقافات الأخرى؟ كيف سنغير نظرة الآخرين دون مناقشتهم بشكل مباشر؟ كيف سنقنعهم بتحيز الإعلام المعادي لنا دون أن يتعرفوا علينا عن قرب؟ هل تعرف كم مسجدا بُني وكم شخصا أسلم بفضل طلابنا المبتعثين؟.. هل فكرت بعدد الطلاب الأجانب الذين تغيرت نظرتهم إلينا بفضل شبابنا في الخارج؟.. أعرف أنا مبتعثا في ألمانيا أسلم على يده خمسة أشخاص .. وسمعت أن المبتعثين في هولندا هددوا بالعودة للسعودية إن لم تسمح لهم الجامعة بإقامة صلاة الجمعة فيها.. وأخبرني أحد الطلاب في كوريا أنه غير فكرة زملائه الكوريين بخصوص امتناعنا عن أكل الخنزير (حيث كانوا يعتقدون أننا لا نأكله تقديسا له، كما هو شأن الهندوس مع البقر).. أما سفيرنا في اليابان الدكتور عبدالعزيز تركستاني فنبهني الى مفارقة رائعة حين قال: علاقة السعودية مع اليابان تمتد لأكثر من ستين عاما، ولكن الشعب الياباني ذاته لم يتعرف علينا إلا مع قدوم المبتعثين ضمن برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي!! ... وكل هذا يثبت في المقابل أن الآراء المتحيزة ضد فكرة الابتعاث إما تعبر عن جهل أصحابها بما يجري في العالم، أو أنها نتيجة انغلاق وتشدد وسوداوية من يقف خلفها .. وأيا كان دافعها تظل استثناءً ورأيا خاصا لا يعبر عن رأي المجتمع (بدليل الإقبال الكبير من العائلات السعودية على ضم أبنائهم لبرامج الابتعاث ذاتها)!! ... بدون شك ؛ أفضال أبي متعب علينا كثيرة، وستثبت الأيام أن أكثرها نفعاً وبُعدَ نظر كانت برامج الابتعاث للخارج.. فباسمكم جميعا نقول له شكرا ونطبع على رأسه قبله كبيرة ...
المصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
627576النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
13028الموضوعات
الاستثمارالاستثمارات
التخطيط الاقتصادي
التنمية الاقتصادية
المنطقة الشرقية (السعودية) - ادارة
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - تراجم
المؤلف
عبد الوهاب المسفرتاريخ النشر
20090214الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية