الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
التراث العمراني في مركز الاهتمام
الخلاصة
التراث العمراني في مركز الاهتمامكلمة الاقتصادية لعل من أهم ما أنجزه المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية، الذي انعقد في الرياض برعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله، ونظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار في الفترة من (23 إلى 28/5 2010) ، تحت عنوان '' تنمية اقتصادية لتراث عمراني نعتز به'', هو أنه جاء ليؤسس لثقافة عمرانية تراثية جديدة، تستمد خطوطها من فنون العمران الإسلامي القديم بمنمنماته وأقواسه وأبراجه ورواشينه, خاصة بعدما زحف المعمار الغربي على معظم المدن والحواضر العربية والإسلامية، حتى كاد يطمس هويتها العمرانية، ويحيلها إلى نسخ مكررة لأنظمة العمران الذي أخذ صفة (الحديث) لتمويه صفته وهويته الغربية المستوردة، وأصبح معظم المدن التراثية العريقة تشكو سيطرة الرخاميات والزجاجيات بما يشبه انسلاخها تماما عن هويتها العمرانية الأصيلة, التي لم تكن قط إلا في مقدمة فنون المعمار العالمي بشهادة خبراء العمران, لا من حيث التصاميم ولا من حيث الاستجابة لظروف المناخ وعوامل الطبيعة. جاء هذا المؤتمر الذي حظي بمشاركة معظم الأقطار الإسلامية، وعدد من الباحثين والمختصين متكئا على برنامج ثقافي وشعبي واسع شارك فيه كثير من الجهات ومن بينها الجامعات، وهذا هو الأهم, لأن تثبيت الهوية العمرانية كثقافة في المقام الأول هو الذي يعيد هذا التراث إلى موقعه الذي يستحقه، بعدما واجه كثيرا من النكران أو حتى الازدراء من قبل البعض - على حد وصف الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الذي قال أثناء افتتاحه الفعاليات المصاحبة للمؤتمر: إن التراث الوطني جزء من الإنسان السعودي وجزء من حياته, مؤكدا أن المواقع التراثية هي أصلنا الذي خرجنا منه وخرجت من رحمها سرايا التوحيد التي أنجزت وحدة الوطن. وما يعزز التفاؤل بنجاح هذا المؤتمر الأول من نوعه ومستواه, إلى جانب أنه حظي برعاية ملكية كريمة, هو أنه أسس لبرنامج عمل طموح سجلت فيه البلديات حضورها كجهات تنفيذية مباشرة، وعكفت من خلاله هيئة السياحة على تأسيس برنامج وطني لتطوير التراث في المملكة يستمر لمدة خمس سنوات بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية وإمارات المناطق, ويهدف إلى التركيز على مواقع التراث العمراني التاريخية والوطنية وحمايتها من الإهمال لتأهيلها للدخول في بناء الاقتصاد السياحي، وهذا ما سيعزز الرؤية للتراث العمراني الذي يمتاز في المملكة بالذات بالتنوع الفريد نسبة لاتساع رقعة البلاد وتعدد ثقافات العمران القديم فيها، وتنوعها من منطقة إلى أخرى، ما يوجد نسيجا متعددا من الأنماط التي تستحق الدراسة، خاصة بعدما ثبت أن تلك التصاميم لم تأت اعتباطا, أو كما يتصور بعضهم, أنها مجرد إفرازات لعامل الفقر الذي كان سائدا في المجتمعات القديمة. لأن الفقر إذا كان له أن يتدخل في مواد البناء كالطين والحجارة وسيقان شجر الأثل وسعف النخيل، فإنه حتما لا يمكن أن يتدخل في التصاميم ذاتها، التي أكدت بعض الدراسات الفنية قيمتها المعمارية، وقدرتها على مواجهة عوامل الطقس والبيئة، ما يعني أنها كانت نتيجة تراكمات ثقافية تمت بالخبرة والتجربة جيلا بعد جيل لتمكن الإنسان في ذلك الزمن من البناء وفق الطبيعة وبما يوفر عليه تكلفة الحر اللافح والبرد القارس، وهو ما يحتاج فعلا إلى مزيد من الدراسات للإفادة منه بشكل أكثر تفصيلا. أما في الجانب الفني فلا شك أن هنالك من الملامح الفنية في بعض القلاع والحصون والقصور القديمة ما يجسد حقيقة ارتفاع مستوى الذوق العام رغم كل ما كان يحيط بتلك المراحل التاريخية من شظف العيش وضيق الحال. بقي أن نقول على المستوى العام: إن تعاون الدول الإسلامية على رعاية التراث العمراني الإسلامي في جميع المدن، وترجمة توصيات هذا المؤتمر المهم لا بد أن ينعكس أثرها في استعادة أقطارنا فنونها العمرانية التي تمثل هويتها الأصلية، ليجعل منها علامات مميزة تضاهي ذلك التاريخ العريق الذي انطلق منها بكل عناوين المجد والسؤدد والشموخ.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
632697النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
6080الموضوعات
التخطيط الاقتصاديالتعاون الثقافي
الثقافة
السعودية - العلاقات الخارجية - العالم الاسلامي
السعودية. وزارة الشؤون البلدية والقروية
العلاقات الثقافية
تاريخ النشر
20100604الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية