الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الملك وإعادة تثبيت ميزان القيم
الخلاصة
الملك وإعادة تثبيت ميزان القيمكلمة الاقتصادية لأنه ليس مجرد زعيم أمة، ولا مجرد قائد يريد أن يضع بصمته في تاريخ بلاده بما ينجزه لمواطنيه ووطنه من منجزات، ولأنه نسيج وحده, استطاع أن يجمع كل مقومات الزعامة إلى جانب مقومات المصلح الاجتماعي الكبير الذي يريد أن يعيد صياغة القيم الاجتماعية بعد أن طال بعضها صدأ الماديات, وانزلقت في زمن الرقم إلى القيم المادية على حساب القيم التي أسسها الإسلام وتعهدتها شيم الرجال .. لأنه كذلك, ولأنه عبد الله بن عبد العزيز, هذا الرجل الذي رفض أن يتخلى عن قيم الصحراء التي تربى في أحضانها .. عندما كانت مقاييس الرجولة ومقاييس الوفاء والنخوة والشهامة تنعقد بكلمة صدق ولا تحيد عنها مهما كان الثمن .. فقد دأب هذا القائد الفذ على إيقاظ تلك القيم وترقيتها مثلما يليق بها كسمة لشعب مسلم, ليتصدى بكل الحزم والقوة لمزادات الدم التي أخذت موقع الثأر, وذهبت بها بعيدا في اشتراطات العفو نحو أرقام فلكية ما أنزل الله بها من سلطان. لهذا جاء هذا الفارس العربي الذي لم تشغله مهامه الجسام كقائد دولة كبرى هي اليوم بين أهم 20 دولة على مستوى العالم سياسة واقتصادا, ليضع على أجندة يومياته تكريم أولئك الذين يترجمون معنى العفو عند المقدرة بسماحة العفو إلى أسمى المعاني, عندما يأخذونه من خانة الرقم إلى خانة القيمة التي كرم الله ــ سبحانه ــ الإنسان بها عندما جعله المؤتمن على حمل الأمانة. وهو بهذه الصفة يتعامل مع الإنسان حيث هو إنسان بصرف النظر عن الهوية أو الجنسية, وتكريمه الأسرة الإثيوبية التي عفت عن دم ابنها.. هو امتداد طبيعي لهذه الرؤية الملكية التي تبلورت في مقام آخر في مشروع فصل التوائم, وهو المشروع الذي استفاد منه العالم الإنساني برمته بقطع النظر عن الدين أو العرق أو اللون أو المذهب أو الجنسية .. لأن القائد والزعيم الأممي يدرك أن مسؤوليته ليست حكرا على جغرافيا محددة, ولا على محيط واحد أيا كان نوعه, على اعتبار أن معايير القيم الإنسانية ببعدها الأخلاقي يجب أن تبقى واحدة, ويجب في الوقت نفسه أن تعبر عن روح الإسلام وقيمه تجاه الآخرين كدين سلام ومحبة, وهذه أبلغ رسالة يمكن أن تقدم للآخرين الوجه الحقيقي لهذا الدين الحنيف. إن ريادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في مجال إحياء سجل القيم الإسلامية بهذه الحفاوة التي يرعى بها ــ يحفظه الله ــ العافين عن الناس.. هي في حد ذاتها قيمة إسلامية تكشف للجميع عن عمق الشعور بالمسؤولية, والحرص على استدعاء هذه المثل لتكون هي الأنموذج الذي يحتذى, خاصة بعدما انحرف العفو عن مساره الطبيعي لدى البعض ليتحول إلى مجرد محاولة للإبقاء على الحياة ليس أكثر مقابل جعل مادي غالى فيه البعض, وأدخله إلى دائرة المستحيل وشبه المستحيل, وحوّل هذه القيمة النبيلة إلى وسيلة مقيتة لجمع أكبر قدر من المال .. لكن بما أن عبد الله بن عبد العزيز يعرف ويدرك بفطنته وبعد نظره أن حياة الإنسان تظل في النهاية أثمن من كل أموال الدنيا فقد حرص على أن يردها إلى سياقها الطبيعي تحت قبة العفو الذي يسمو بدوره على كل الأرقام وفقا للقاعدة الإيمانية العظيمة التي تقول: إن من أحياها ـــ أي النفس ـــ فكأنما أحيا الناس جميعا, وهذا هو المنطلق الذي كرس به خادم الحرمين الشريفين مجددا قيمة العفو لتستعيد وهجها مثلما ينبغي لمجتمع مسلم, لا تزال هذه القيمة العظيمة على رأس قائمة أدبياته. وإزاء هذه المواقف التي تتأصل في ديوان خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ المرة تلو المرة, لا يسع كل متابع إلا أن يستشرف كثيرا من الخير لهذا المجتمع الذي تلقّى هذه المبادرات بما تستحقه من الثناء والعرفان والتقدير, وهي التي تصر على أن تعيده إلى منابع قيمه الأصيلة, في ترجمة لأسمى وأنبل معاني القيادة التي لا تنشغل بالقيمة عن القيم, في زمن قل أن يتأتى لأحد أمام ضخامة استحقاقاته أن يلتفت بكل هذا الحضور إلى تصويب مساره الاجتماعي .. وهذا ما يفعله ملك الإصلاح وقائد التنمية التي تبدأ بالإنسان وتنتهي به.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
648398النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
6203الموضوعات
الاخلاق الاجتماعيةالسعودية - الاحوال السياسية
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - تراجم
تاريخ النشر
20101005الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية