الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
هيكلة القضاء وتصحيح وضع اللجان
الخلاصة
في كلمته الضافية أوضح خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ أمام مجلس الشورى أن من حق الشعب عليه أن يضرب بالعدل هامة الجور والظلم وأن السنة المقبلة سوف تشهد المزيد من التحديات ومنها هيكلة القضاء وتطويره. إن هذه العبارة الواضحة تعكس صدق التوجه نحو تصحيح ما يجب تصحيحه من أوضاع لم يعد مقبولا استمرارها، فالقضاء هو مرفق العدالة وملجأ الجميع في إحقاق الحق وإنصاف المظلوم، ولهذا فإن إصلاح القضاء من الأولويات التي يتم مناقشتها حالياً على جميع الأصعدة العامة والخاصة وانتهاء بوسائل الإعلام ومنها الصحافة التي ناقشت في مواضيع متعددة موضوع إصلاح القضاء وتطويره وذلك لكي يتفق مع ما يجب مراعاته من أسس وتنظيمات وتكامل في التشريعات ووضوح في الإجراءات وتحديد دقيق للصلاحيات والمهام مع عدم القبول بما يمكن أن يعتبر وضعا مؤقتاً لأن الأوضاع المؤقتة تحولت إلى أوضاع شبه دائمة بل هي دائمة فعلاً وذلك بحكم الواقع. ولأن برنامج إعادة هيكلة القضاء هو مشروع وطني تتولاه عدة جهات تهدف في نهاية المطاف إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح، فالمرحلة التي نعيشها اليوم هي مرحلة تتميز بالتحديات وضرورة أن نكون أقرب إلى الوضع المثالي الصحيح لضمان سير الأمور القضائية في مسارها الصحيح. وقد كانت البداية بإصدار الأنظمة العدلية وهي نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المحاماة وهي أنظمة كفلت سلامة الإجراءات ووضوحها، ولكن الخطوة الأخرى المرتجاة هي أن يتم إنشاء محاكم استئنافية تحت مظلة مجلس القضاء الأعلى لتكون درجة ثانية للتقاضي ثم إنشاء محكمة للنقض تتولى تصحيح أحكام المحاكم الاستئنافية التي يجب أن تعرض على محكمة النقض، كما ستتولى إرساء المبادئ القضائية وتوفير المزيد من الضمانات لتحقيق العدالة بعد أن تعقدت الدعاوى القضائية وتزايدت أعدادها خصوصاً مع مرحلة الانفتاح على الاستثمار الأجنبي في الأنشطة التجارية والتي ستكون رافداً للاقتصاد الوطني وداعماً لزيادة الدخل القومي. إنه من المهم مناقشة مشروع نظام القضاء وفق تصور جديد كلياً يضع في اعتباره إعادة الهيكلة بما يعنيه ذلك من تشكيل المحاكم واختصاصها وآليات عملها إضافة إلى حقوق القضاة وكذلك تحديد وضع القضاء التجاري وإنشاء محاكم مرورية وعمالية ومحاكم للأحوال الشخصية. ذلك كله سيكون له دوره الكبير في تفعيل أداء القضاء السعودي بما فيه ترتيب أوضاعه مثل أن يظل ديوان المظالم جهة اختصاص ولائي في القضاء الإداري فقط بحيث ينظر في منازعات العقود الإدارية والطعن في القرارات الإدارية أي أن يكون قضاء تعويض عن أعمال الإدارة وطعن وتظلم من قراراتها ما عدا ذلك يحال إلى المحاكم العامة تحت مظلة مجلس القضاء الأعلى والذي سيشمل المنازعات التجارية التي تنظر حاليا أمام ديوان المظالم وكذلك المنازعات العمالية والجمركية ومنازعات الأوراق التجارية، وكذلك منازعات الأوراق المالية ومنازعات التأمين في وقت لاحق والكثير من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي والتي تزايد عددها في الآونة الأخيرة وأصبح معالجة أوضاعها وتصحيح آليات عملها بل وضمها نهائياً إلى القضاء العالي من أهم موضوعات الإصلاح في مرفق القضاء. وإذا كانت المحاكم العامة وكذلك الجزئية قد قطعت شوطاً لا بأس به في سبيل تطوير أوضاعها وتحسين آليات عملها فإن ذلك يعد من المهام التي تتولاها حاليا وزارة العدل في سياق توجيه كريم من المقام السامي ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك أن يتم النظر بصرامة وحزم إلى تلك اللجان الإدارية التي تمارس القضاء وهي ليست بقضاء لأن العاملين بها ليسوا من القضاة الذين لهم الاستقلالية ووضع وظيفي وإشراف قضائي يؤهلهم للفصل والبت والحكم في القضايا التي تعرض عليهم ولأنه لا يمكن تصحيح الأوضاع في لحظة واحدة وبقرار واحد فإن من المؤمل أن تكون الخطوة القادمة الخاصة بهذه اللجان هو أن يتم النص على إنهاء أوضاع هذه اللجان ونقل اختصاصها إلى القضاء العادي حيث يمكن الاستفادة من الكوادر البشرية المؤهلة والتي يسمح وضعها بتحويلها إلى القضاء ضمن هيكله الإداري والوظيفي. ولعل ما تناولته وسائل الإعلام أخيرا من أوضاع تمس لجنة تسوية المنازعات المصرفية وما تتميز به هذه اللجنة المنفردة في أعمالها من صلاحيات واسعة وانعدام للضمانات القضائية يجعلها في مقدمة اللجان التي يجب أن يتم البدء بها لكي تكون الأمور في نصابها الصحيح ومن هنا يجب أن يبدأ الإصلاح القضائي فالمصلحة العامة مقدمة دائماً على المصلحة الخاصة.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
679344النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
4956الهيئات
مجلس الشورى - السعوديةتاريخ النشر
20070507الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية