العيسى يبحر بـ«القضاء»… بعد حينِ من تعدد «الربان»
الخلاصة
العيسى يبحر بـ«القضاء»… بعد حينٍ من تعدد «الربان»الرياض - مصطفى الأنصاري العيسى.أعادت الحكومة السعودية إلى العدالة وحدة قرارها في البلاد، وفقاً لسيرتها الأولى منذ عقود، بإعلان الدكتور محمد العيسى رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، إلى جانب قيادته وزارة العدل. وكان الاختصاصيون السعوديون كثيراً ما عبّروا عن رئيسي الجهتين في الجولتين السابقتين بأنهما «ربانان في سفينة واحدة»، في إشارة إلى أن المؤسستين ينبغي أن يكون مصدر قرارهما واحداً. أما صاحب السبق في هذا المصطلح فهو المستشار الآن لدى الملك الشيخ عبدالمحسن العبيكان، الذي كان منذ وقت مبكر أحد أنصار النهج الذي قطع به صانع القرار هذه المرة، جدلاً قديماً بين جهازين، كان «ربانهما واحداً» في الأصل، قبل أن يتم توزيع صلاحياتهما في عهد الملك السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز، إمعاناً في فصل السلطة القضائية عن نظيرتها التنفيذية، إلا أن التداخل بين صلاحيات الجهازين أفضى إلى إشكالات عدة، ربما أقنعت صانع القرار بأن «عودة حليمة إلى عادتها القديمة» هي الخير أحياناً. ومع أن شرائح من القضاة لا يتوقع المراقبون أن يكونوا سعداء بتولي من يعتبرونهم «غرماء» في وزارة العدل، إدارة شؤونهم، إلا أن «حنكة» العيسى الإدارية، وبسطته في العلم والمنطق، إلى جانب ماضيه القضائي، كلها عوامل يتوقع أن تسرع بالقضاة إلى الوقوع في فتنة نهج الشاب، الذي «شيّبته العدالة»، وما زال يلاحق مشاريعها في الداخل والخارج، بعقلية «سنغافورية» وخبرات «أميركية»، وفقه «سعودي».وخلافاً لوزراء ومسؤولين آخرين، فإن العيسى كان واضحاً منذ البداية في الخطوات التي يبني عليها سياسة «العدل»، إذ أعلن بعيد تعيينه 12 عنصراً، قال إنها خلاصة رؤيته لقيادة الجهاز العدلي، وهي عناصر تفصيلية لقيم سماها بالجوهرية، هي «العمل بأحكام الشريعة. التميز والصدقية. مواصلة برامج التحديث والتطوير وبناء الشراكات. الثقة من دون إخلال بالوظيفة الرقابية. الاهتمام بالموارد البشرية، وتأهيلها وتدريبها، وتطوير أدائها. الأخذ بالتراتيب الوقائية».لكن معركة العيسى لم تكن في الجانب «القضائي المهني» وحده، ولكنها تجاوزت إلى صراع شبه مكشوف مع محافظين صنفوه باكراً نداً لهم، عندما أدلى برؤيته في مفردة «الاختلاط» التي حررها في ذلك الحين، واعتبرها مصطلحاً غير أصيل في الفقه الإسلامي، وبالتالي ينبغي إعادة النظر في محاكمة الناس إلى مضامينها «المستحدثة». غير أن التأسيس الفقهي المتين لعضو هيئة كبار العلماء العيسى لم يسمح لمناوئه مواجهته فقهياً، بالقدر الذي حاولوا تشويه شخصه وأفكاره، ما جعل ابن المؤسسة الدينية دراسة وعملاً وتاريخاً، بين عشية وضحاها يُحسب من جانب خصومه على التيار المضاد، غير أن عمله المكثف الذي كان ترجمة لمفردات خطته السابقة لم يترك لأولئك مجالاً للاستمرار في القدح، الذي وصل من جانبهم إلى التدقيق في خصوصيات مثل تشخيصه ومواكبه ولحيته.وإذا اعتبر الكثيرون من التيار الإصلاحي العيسى أحد رموز التغيير في البلاد، بحكم تنفيذه الجاد لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء، فإن تعيينه رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء سيعزز ذلك الاعتقاد أكثر، كما سيعتبره التيار المحافظ سراً أو علانية، واحدة من النقاط التي خسرها في مواجهة غرمائه. يحاول الوزير محمد العيسى تجاهل الكثير مما يسوقه بعض المتشددين من تهم ضده، فيدافع عن قضاياهم الأصلية مثل «الاحتساب»، ويهاجم أعداءهم التقليديين أحياناً، مثل الإعلاميين، إلا أنه في نهاية المطاف «يخرّبها» كما تقول العامة، فيعتبر المحتسبين (من غير الهيئة) «مغتصبين»، أي أنهم ليسوا آمرين بالمعروف، ولا ناهين عن المنكر! وينقل المقربون من العيسى، أنه آخذ في اعتماد سياسة «الاحتواء» عندما يتعلق الأمر بمنسوبي «القضاء»، إذ «توصل إلى أن معظم القضاة الذين يتجاوزون في النقد بأسماء مستعارة في المواقع الاجتماعية والمنتديات هم مجموعة قليلة من صغار السن، ينطلقون من أفكار مسبقة، ويمكن تليين مواقفهم وكسب ثقتهم». حصل ذلك كما يقول أحد المقربين من الوزير مع قاض شاب كان خصص كل مقالاته للتهجم على «العدل» ووزيرها، إلا أنه بعد اتصالات عدة به، انقلب فجأة إلى مناصر لنهج العيسى في الإدارة. أما بقية أطراف التيار الذي بقي مخلصاً في استهداف العيسى، فإن المحبين له يرون أنهم في تناقص وتناقض، وربما «يأس تام» بعد الثــــقة الملكية الجديدة به.
المصدر-الناشر
صحيفة الحياة الطبعة السعوديةرقم التسجيلة
681848النوع
تقريررقم الاصدار - العدد
17894الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودعبدالمحسن بن ناصر العبيكان
الملك فهد بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
محمد بن عبدالكريم بن عبدالعزيز العيسى
الموضوعات
السعودية - الاحوال السياسيةالسعودية. وزارة العدل
القضاء - تخطيط
الموظفون - تعيينات
ترقيات الموظفون
تطوير القضاء
المؤلف
مصطفى الأنصاريتاريخ النشر
20120401الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية