الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
دروس في صناعة الديموقراطية الثقافية
الخلاصة
دروس في صناعة الديموقراطية الثقافيةالثلاثاء, 06 سبتمبر 2011 سهام القحطاني أثناء عملية التصويت في انتخابات «أدبي الأحساء». على مدى شهر ونصف ماضيين كنت أراقب مثل كل المثقفين ولادة تجربة الانتخابات الأدبية، بروح تمتلئ بالتفاؤل في عهد ثقافي جديد فاتحته الديموقراطية تحت ظل خادم الحرمين الشريفين-حفظه الله- قائد الإصلاح والتنوير.ومع دخول التجربة حيز الإجرائية بدأت روح التفاؤل التي تُبشر بعهد جديد تتناقص عند المثقفين، وبدأ الكثير من المثقفين يُعيدون حساباتهم فيما بشروا به في هذا العهد، الذي اثبت أن الواقع هو الواقع والأفكار القديمة تتكرر بأقنعة جديدة وأن ما سيكون ليس أفضل مما كان.وحتى أسبوع مضى دخل الكثير من المثقفين وأنا منهم دائرة اليأس الثقافي، وخاصة بعدما حدث في انتخابات الاحساء والتدخل في استقلالية نادي الرياض وشعرت أن التجربة مهددة بالفشل، ما لم يتدخل الوزير ويوقف ما تفعله وكالة الشؤون الثقافية؛ بسبب ممارساتها وعنادها مع المثقفين وضرب احتجاجاتهم عــرض الــــحائـــط، وتأويل بنود اللائحة وفق مزاجها دون الرجوع إلى استفتاء المثقفين، وهذه التجاوزات قد لا تكون مقصودة بل هي نتيجة قلة خبرة المسؤولين الإجرائية المناسبة بهذه التجربة الجديدة.وعلى المستوى الشخصي قررت بعد نشر مقالتي الاسبوع الماضي هنا في الحياة عن انسحاب الوشمي أن أغلق ملف الانتخابات وألا أكتب فيه بعد ذلك أبداً، حتى لا أشارك في هذه المهزلة التي نسميها انتخابات أدبية، حتى جاء تصريح الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة مطلع هذا الأسبوع الذي يُعتبر درساً يعلمنا الديموقراطية وصناعتها.تصريح أعاد للمثقفين روح التفاؤل بنجاح هذه التجربة، بل وأعاد لهم اعتبارهم كمقوّمين للرأي الثقافي وللتجربة، وأنهم ليسوا مجرد عرائس ظل ومنفذين لتأويلات الوكالة لبنود اللائحة تحت شعار نفذّ ولا تعترض. وأهمية تصريح الوزير الدكتورة خوجة يكمن في عدة نقاط، أنه اعتراف غير مباشر بوقوع تجاوزات في الانتخابات الماضية وهو ما كانت تنكره الوكالة وتدعي بأن كل الانتخابات تامة النزاهة، وحدوث أي تجاوزات هو أمر طبيعي لتجربة انتخابية أولية، وعلينا ألا نخجل من الاعتراف بها، فالتجارب الريادية لها أخطاؤها، لكن إنكار التجاوزات وادعاء النزاهة التامة هو أمر غير الطبيعي، ولذلك قدرت للوزير خوجة التعامل مع ما أنُجز من التجربة بواقعية، سواء على مستوى سلبياتها أو إيجابياتها.وأهميته أيضاً تأكيد الدكتور خوجة على مراعاة ضوابط نزاهة الانتخابات التي فقد الكثير من المثقفين مصداقيتها وجديتها وهو ما يعني إعادة تثبيت الثقة، التي تزعزعت عند المثقفين بصرامة ضوابط نزاهة الانتخابات وخاصة بعد انتخابات الأحساء، من خلال تعهد الوزير خوجه بأن يكون هو ضــــابط الأمن وصمام الأمان لضمان نـــــزاهة معقولة للانتخابات القادمة.كما أن أهميته تكمن في أنه إشارة واضحة بنقل كرة الانتخابات من ملعب وكالة الشؤون الثقافية إلى ملعب الجمعيات العمومية للأندية ونقل السلطة الإجرائية من وكالة الشؤون الثقافية إلى الجمعيات العمومية للأندية وتقاسم السلطة الإشرافية ما بين الأندية من خلال تحديد عضوين من مثقفي المنطقة للمشاركة في الإشراف على الانتخابات واللجنة المكلفة من قبل الـــــوكالــــــــة، لضمان استقلالية الأندية.وأن التخفيف من مركزية السلطة الإشرافية للوكالة عبر تقاسمها مع الجمعيات العمومية للأندية الأدبية هو ضمان لنزاهة ضوابط الانتخابات وعدم التلاعب أو الاستهانة بها، أو أنهما دليل على فشل الوكالة في قيادة هذه الانتخابات، بل هما عودة إلى أصل بنود اللائحة.والنقطة الأخيرة في أهمية تصريح الدكتور خوجة هي تأكيده على احترام الرأي العام الثقافي، ودعمه لدوره في إنجاح هذه التجربة، وتصريحه هذا هو جــــــزء من احترام الدكتور خوجة للـــــرأي العــــام الثقافي والتفاعل معه. لقد أعاد تصريح الدكتور خوجة ثقة المثقفين في الوزارة، بعدما أوشكوا على الإيمان بأن الوزارة فقدت سمعها وبصرها ولسانها وأن للمثقفين رب يحميهم.ولكن هذه التوجيهات التي وردت في تصريحه تحتاج إلى رسّمنه من خلال تحويلها إلى خطاب رسمي، يعمم على الأندية الأدبية لتبدأ بتفعيله لتستطيع الأندية التي هي على وشك الانتخابات من تجهيز الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذه التوجيهات،لأن عدم صدور خطاب رسمي بهذه التوجيهات وفي أسرع وقت ليعمم على الأندية يعني لا قيمة لهذا التصريح وأنه مجرد حبر على ورق. لقد كنت على ثقة بأن الدكتور خوجـــــة سيتدخل في الوقت المناســـب لإنقاذ هذه التجربة من الفشل، وليعلمنا كيف نصنع الديموقراطية الثقافية، بعد أن علمنا في السابق كيـــــف نؤمن بالديموقراطية الثقافية.
المصدر-الناشر
صحيفة الحياة الطبعة السعوديةرقم التسجيلة
700558النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
17686المؤلف
سهام القحطانيتاريخ النشر
20110906الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية