الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
إن غاب العمل العربي المشترك فلن يغيب الحكماء
الخلاصة
إن غاب العمل العربي المشترك فلن يغيب الحكماءكلمة الاقتصادية ربما لم يكن العالم العربي في حاجة إلى جامعة الدول العربية أو بيت العرب كما يُفترض، أكثر من اليوم في ظل هذه الأحداث المتتالية في غير قطر عربي، التي بددت ما بقي من العمل العربي المشترك، ورمته في آخر قائمة الاهتمامات، وفقا لغياب آلياته الفاعلة. كانت جامعة الدول العربية على مدار تاريخها المنظمة التي تؤوي العرب تحت قبتها، لكنها أبدا لم تكن قادرة على أن تظللهم بحكم عجز ميثاقها وآليات عملها عن الوفاء بما هو مطلوب منها؛ بسبب الكثير من التباينات السياسية بين الأعضاء، وحتى بعدما تنبهت أخيرا إلى أن الاقتصاد وحده ربما يحقق لها ما عجزت السياسة عن تحقيقه في ظل التكتلات الاقتصادية التي باتت تتحكم بمصائر الشعوب، لم تستطع الجامعة أن تحقق أي إنجاز يذكر يوفر لها الحصانة اللازمة لتمرير قراراتها بين الدول الأعضاء كما ينبغي. المنظومة الخليجية، المتمثلة في مجلس التعاون الخليجي، ربما كانت هي الجسد السياسي الوحيد الذي بقي قادرا على ممارسة دوره كمنظمة عربية، ولو بالحد الأدنى من الإنجازات، وقد استطاع تبعا لذلك أن يحفظ ماء الوجه العربي إثر تلك الأحداث الساخنة التي مرّت بها ولا تزال بعض الدول العربية، حيث طغى المشهد الخارجي على ساحة الأحداث حتى كاد الناس ينسون وجود جامعة الدول العربية، التي كان من الواجب أن تكون في الصف الأول في مقابلة تلك الأحداث. هذا الغياب أو الحضور الذي يشبه الغياب لبيت العرب انعكس بشكل جلي على تتابع الأحداث وخروجها عن مدى السيطرة، ما وفر - مع الأسف - مناخا مظلما لتفاقم الأحداث لتذهب في بعض ملامحها باتجاه توظيف الدم في حلّ الخلافات، وإعلان نذر امتداد الشقاقات إلى المسّ بالوحدة القطرية، إمّا من خلال استثارة البعد الطائفي وإما اللعب بورق الأقليات والقبليات، وما إلى ذلك، مما قد يمد أمد تلك الصراعات إلى مديات الله أعلم بها وبمندرجاتها. هذه الوضعية المؤسفة استدعت من عقلاء الأمة اللجوء إلى الحكمة لتعويض ذلك الغياب المؤسسي للعمل العربي المشترك حفاظا على دماء الأبرياء، وصونا لوحدة الأوطان وإبعادها عن شبح العبث بالنسيج الاجتماعي للأوطان العربية دون التعرض لخيارات الشعوب وإرادتها، وهو ما دفع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - لاتخاذ ذلك الموقف الحكيم والشجاع مما يحدث في سورية الشقيقة، وقبلها في اليمن الشقيق، لنزع فتيل الانفلات إلى ما وراء إراقة الدم من عواقب وخيمة بوسعها لو انفلت عنانها - لا قدّر الله - ألا تُبقي ولا تذر. والذي يقرأ بتمعن رسالته الحكيمة للأشقاء في سورية، يستطيع أن يقف بوضوح على تلك الغيرة العروبية والإسلامية على تلك الشعوب، والحرص الأكيد على تجنيبها مزالق الذهاب إلى تلك الدهاليز الضيقة الكفيلة بتحويل كل مطالب الإصلاح إلى منعرجات لا تستنهض سوى الفتن، والدخول في متاهات الضغائن الصغيرة التي لا تفضي إلا لمزيد من صب الزيت على النار. لقد اضطلع عبد الله بن عبد العزيز بمسؤولياته كزعيم أمة لا يستطيع كائنا من كان أن يراهن على عروبته وغيرته على أمته، عندما تصدى في موقف شجاع لا يصدر إلا عن قائد اعتاد أن يصدع بالحق متى ما وجد ما يعرّض أمن أمته ومستقبلها للخطر، وهو القائد والزعيم الذي بقي على الدوام متساميا فوق كل المواقف أيا كانت، لأن انحيازه للحق لا يحتاج إلى شهادة، لأن قراراته ومواقفه استمدت شرعيتها من منطلق الغيرة على أي قطرة دم عربي أو إسلامي تراق هنا أو هناك مهما كانت الأسباب، في غير من حارب الله ورسوله أو سعى في الأرض فسادا، لذلك قوبل ذلك الخطاب التاريخي، الذي كسر حاجز الصمت العربي، بما يستحقه من التبجيل، والتقدير، والعرفان، ليؤسس وليؤكد أنه، وإن غاب العمل العربي المشترك بفعل بعض الظروف، فلن يغيب دور حكماء الأمة وعقلائها.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
704504النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
6515الموضوعات
السعودية - العلاقات الخارجيةالسعودية - العلاقات الخارجية - العالم العربي
السعودية - العلاقات الخارجية - دول الخليج العربية
تاريخ النشر
20110813الدول - الاماكن
السعوديةالعالم العربي
اليمن
دار العلوم
سوريا
الرياض - السعودية
دمشق - سوريا
صنعاء - اليمن