الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
معا لجعل مكافحة الفساد ثقافة مجتمعية
التاريخ
2012-01-30التاريخ الهجرى
14330307المؤلف
الخلاصة
معا لجعل مكافحة الفساد ثقافة مجتمعيةعبد العزيز محمد قاسمتابعنا بكل الأسى تلك الترادحات الإعلامية المؤسفة التي صاحبت الكشف عن الاختلاسات التي حصلت في وزارة الصحة، وللأسف كدّرت تلك المهاترات فرحة المجتمع والمهتمين بالشأن العام بأولى خطوات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في أداء الدور المنوط بها، وما أمّله أبو الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله منها، وحسناً فعل الجهازان الحكوميان بإيقاف تلك التراشقات عمّن كشف هذا الفساد أولاً. السؤال هنا، كيف يمكن للنخب والإعلام أن تتكامل لدعم هذه الهيئة، وحتى المواطن البسيط وثمة ثقافة مجتمعية متجذرة بأن الفاسد سيناله عقاب الله، ويحوقل معظمنا ويسترجع، ويدير ظهره وهو يتمتم: الله سبحانه وتعالى لن يتركهم، إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ، وينتهي دوره إلى هنا، وثمة عائق نفسي آخر يتمثل في ذلك الرهاب - المتوارث أيضاً من أزمنة بعيدة - بأنه إن سعى هذا المواطن للتبليغ عن الفساد الذي تيقّنه؛ فسيخضع لاستجوابات طويلة، وطابور طويل من الإجراءات التي هو في غنى عنها، مما يجعله يدعو الله بالستر، وينصرف راشداً لبيته بأمان. من الضروري أن تسعى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تثقيف المواطن وطمأنته وكسبه إلى جانبها، وجعل محاربة الفساد رأيًّا عامًّا، وثقافة أصيلة تسربل كل المستويات في وطننا، وإلى جعل محاربة هذا السرطان همًّا مجتمعيًّا، يحمل واجباته الصغير والكبير، والموظف البسيط والكبير، ونحن أمام فرصة تاريخية مواتية؛ لأنّ أعلى يد ترفع لواء محاربة الفساد في وطننا، هي يد والدنا خادم الحرمين الشريفين، وما يجعل هذا الواجب فرض عين علينا، أننا إزاء أضخم ميزانية لهذه البلاد المباركة، ومن حقِّ أجيالنا القادمة أن نحمي لهم حصتهم، ونصون حقهم الشرعي في هذه الثروة. وهي فرصة لأن تتوجّه التيارات والنخب الفكرية في بلدي، وتتوحّد في قضية وطنية مهمّة بدلاً من احتراباتها الهامشية، ومعاركها التي أشغلت المجتمع والقيادة عن التنمية والنهضة، بل حتى أولئك المغردون في (تويتر) و(الفيس بوك)، وكل أولئك الحقوقيون الذين يرفعون عقائرهم ليل نهار في تلك الأقنية الفضائية؛ أن يترجموا حرقتهم وغيرتهم على وطنهم بشكل إيجابي، عبر الانخراط والتعاون مع هيئة مكافحة الفساد طالما هي قناة أتاحها لنا ولاة الأمر، ولنترجم ما نلوكه ونتشدق به إلى واقع يفيد منه الوطن والأجيال القادمة. دعوتي لكل الشرفاء والوطنيين في مجتمعي المضيء بالخير والرسالة، أن يتضامنوا مع الهيئة، ويكتبوا عنها وفيها، ويدعموا فكرتها، ويطوّروها بآرائهم واقتراحاتهم، ويقدموا المشاريع العملية لحماية هذا المال العام، وليعمل - كلٌ في موقعه - على نشر هذه الثقافة بما يستطيعه، وربما كان ذلك أضعف الإيمان. لا بد من تجذير ثقافة السؤال في وعي كل مواطن؛ كي يسأل عن مصير الأموال التي اعتمدها ولاة الأمر للوزارات، وهل ذهبت في أوجهها المستحقة؟ وماذا استحدث المسؤولون في تلك الوزارات، وأمانات المدن من أنظمة وضوابط لحماية هذه الأموال من أن تطالها يد آثمة سارقة مجرمة بحق الوطن، أثرت على حساب تلك المرأة السعودية التي تبحث عن ملابس في برميل النفايات، أو ذلك الرجل السعودي الذي يسكن وعائلته في القبور، أو الطالبة الصغيرة التي تحجم عن الذهاب للمدرسة لأنها لا تستطيع شراء مريولها لنتنادى أيُّها الشرفاء بألا نسمح لأولئك الفسدة أن يتمادوا في فسادهم، ولننسلك جميعًا في صفٍّ واحدٍ، مهما تباينت اتجاهاتنا الفكرية والعرقية والمذهبية، تضامناً مع دعوة ولاة الأمر - حفظهم الله- إلى وقف ومحاربة هذا الداء الوبيل. الوطنية الحقيقية سلوكٌ وامتثالٌ، وحبٌ حقيقي، وليست شعاراً نتشدّق به في الملتقيات الثقافية، أو المجالس النخبوية، أو الأعمدة الصحفية، ولكم أتميزُ من الغيظ وأنا أستمع لبعض أولئك الذين يملأون المجالس ضجيجاً وزعيقاً عن صيانة المال العام، ومحاربة الفساد بعبارات تجعلك ذاهلاً أمام هذه الوطنية المُثلى التي تلبّستهم، وإذا ما قُدِّر لك أن تفتش في ذاكرتك عن بعض الذي تعرفه من ثرواتهم التي سرقوها، لينتابك الغثيان والقرف من هرائهم وكذبهم وزيفهم، وحتماً ليس هؤلاء الذين نعوّل بهم على الإصلاح ومحاربة الفساد، فلو استيقظت ضمائرهم فعلاً فأمامهم صناديق (إبراء الذمة) أولاً كي يردّوا للوطن ما نهبوه، وصدِّقوني أن تلك الصناديق لن تكفي أبداً. لنصطف قلباً واحداً وندعم هيئة مكافحة الفساد، وندع كل احتراباتنا لخير هذا الوطن وخير أجيالنا.
المصدر-الناشر
صحيفة الوطنرقم التسجيلة
703752النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
4140المؤلف
عبدالعزيز محمد قاسمتاريخ النشر
20120130الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية