الأبعاد الاستراتيجية لحوار الأديان
التاريخ
2008-11-11التاريخ الهجرى
14291113المؤلف
الخلاصة
قد لا يكون أكثر من مصادفة حسنة، ان ينعقد مؤتمر حوار الأديان في نيويورك، في لحظة المراجعة الذاتية العميقة في الولايات المتحدة بالنظر إلى كل ملابسات وأخطاء الولايتين الرئاسيتين لجورج بوش الابن، التي أسفرت في نهاية المطاف عن إنجاز تاريخي تمثل بوصول أول رئيس من أصول افريقية وإسلامية إلى البيت الأبيض في بلد لا تزال فيه العنصرية نشطة والتيار اليميني الديني قوي. فبعد سبع سنوات على تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وما تبعها من انزلاق في اتون حزب عالمية، ظاهرها الحرب على الإرهاب، وباطنها الكره لكل ما هو إسلامي، ومن إعلان بوش حرباً صليبية إلى الرسوم المسيئة للرسول في الدانمرك إلى محاضرة بابا الفاتيكان في ألمانيا، وما بين كل تلك المفاصل الحساسة، معتقل غوانتنامو الرهيب، وفضيحة سجن أبو غريب في العراق، وإهانة المصحف في أفغانستان، عاش العالم مصاديق نظرية صموئيل هاتنتغنتون حول صدام الحضارات، والتي أصدرها في كتاب عام 1996 تحت عنوان صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي بتأثير حرب الإبادة الوحشية التي شنها الصرب والكروات على مسلمي البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995 وسط لا مبالاة العالم، حيث بدا للمنظّر الامريكي الكبير آنذاك أن العالم بعد سقوط جدار برلين عام 1989 يعود القهقهرى إلى الحروب الدينية التي كانت سمة القرون الوسطى. من هنا، فإن مؤتمر حوار الأديان يتخطى المفهوم التقليدي للحوار الإسلامي المسيحي، الذي شهد القرن الفائت فصولاً منه، ولم يكن لها تأثير جذري على السياسات والممارسات، سواء بين الدول أو داخل البلدان ذاتها بين المكوّنات الدينية والعرقية فيها، بدليل انتشار الصراعات الدموية على أساس ديني، أو بذريعة الاختلاف الديني والعرقي، ذلك أن المقاربات الخجولة أو الدبلوماسية لم تعد تجدي لوضع حد لاستمرار التراشق الأيديولوجي بين ضفتي المتوسط، أو بين الشمال والجنوب عموماً. واذا كان الإرهاب المنطلق من أصول شرقية وإسلامية يستجمع جهود العالم بأكمله لمواجهته، فإن ما هو غير مستساغ أن ينبري في الغرب من يستفز المسلمين في مشاعرهم وشعائرهم ومعتقداتهم، ثم يدعو بعد ذلك إلى اجتثاث الإرهاب ومكافحته، إذ ان هذه المواقف لا يمكن وصفها إلا بالتهور المجاني لانها هي التي تمدّ الإرهاب بوسائل الحياة والنمو والانتشار في اماكن ومجالات كان محظوراً عليه الدخول فيها سابقاً. وحوار الأديان لا يعني أيضاً التخلي عن حقوق الشعوب، فلا يمكن اغتصاب الحقوق الأساسية لأي شعب، بذرائع دينية كمثل ما فعلته إسرائيل وما تزال تفعله في فلسطين، رغم كل المبادرات السلمية التي هدفت إلى التعايش السلمي، وكان آخرها وأبرزها على الإطلاق المبادرة العربية للسلام التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت عام 2002 وما تزال إسرائيل حتى الساعة تماطل وتضع الشروط للتفاوض عليها بدلاً من الانطلاق بها نحو الأفق الموعود الذي يحقق ادنى الحقوق وحسب، وبالتوافق مع بعض مقررات الامم المتحدة لا كلها. مع ذلك كله، فإن مؤتمر حوار الأديان يسهم بلا شك في نزع ذرائع التطرف ويسحب الأرض من تحت أرجل المتشددين من أي دين كانوا، بالعودة إلى جوهر الدين الذي هو حوار ودعوة بالتي هي احسن. ويمكن أن يؤدي في أفضل الاحتمالات إلى صياغة استراتيجيات عالمية أكثر ملاءمة مع تطلعات الشعوب وحقوقها الأساسية بالعيش بأمان ورفاهية في عالم آمن ومستقر ومزدهر.
المصدر-الناشر
صحيفة عكاظرقم التسجيلة
724045النوع
تقريررقم الاصدار - العدد
15417المؤلف
هشام عليوانتاريخ النشر
20081111الدول - الاماكن
افغانستانالبوسنة الهرسك
العراق
المانيا
الولايات المتحدة
فلسطين
كوبا
القدس - فلسطين
برلين - المانيا
بغداد - العراق
جوانتانامو - كوبا
سراييفو - البوسنة والهرسك
كابول - افغانستان
واشنطن - الولايات المتحدة