القامة الكبيرة..
التاريخ
2008-11-24التاريخ الهجرى
14291126المؤلف
الخلاصة
لم يذهب الملك عبدالله لقمتين تاريخيتين، توّجهما بنجاح غير مسبوق، يرافقه حشد إعلامي ودعاية مبالغ فيها، ولم يدر في ذهنه حشد الطلبة والمواطنين والجنود في الطرقات والشوارع في ذهابه، وإيابه يقفون طوابير طويلة في البرد أو الشمس، لأن تلك المظاهر ظلت تقليداً يرفضه، وبثقة تامة يجد نفسه بين الكبار من الزعماء، أو ما دونهم من المواطنين العاديين وأبناء أي شعب آخر، وهذا ما ضاعف شعور الناس تجاهه، لأنه قريب منهم بتلقائيته وبساطته اللتين لا نجد فيهما أي ادعاء او تمثيل، وهي سمات الزعيم الذي يؤدي دوره بكفاءة عطائه. لقد نجح الملك عبدالله في أكبر تظاهرة عالمية عندما استطاع، مع الأمم المتحدة، جمع أتباع الديانات وكان يدرك أن الحساسية دقيقة طالما بلده هو الحاضن الأساسي للحرمين الشريفين، لكن الغاية أكبر من التقوّلات والاتهامات، وقد كانت خطواته محسوبة إذ أن الذين أقاموا الحواجز بين الأمم والأديان والشعوب، واستهدفوا الإسلام ووضعه رمزاً للتخلف والعنف، أن كسر هذا الوهم والقصور الخاطئ، حتى إن الذين حضروا من كل الرتب الحكومية والدينية، ذهلوا من التمثيل العالي، وكيف أن خادم الحرمين الشريفين الذي يتطابق هذا المسمى مع مرتبته، هو من أدرك بحسه ضرورة الحوارات واللقاءات بعيداً عن أخلاقيات السياسة ودهاليزها وحيلها، وتحمل تبعات المجازفة التي يصعب نجاحها بدون تهيئة كاملة، ومع ذلك جاءت ردود الأفعال الإيجابية خارج المتصوَّر. ومنذ أحداث 11سبتمبر ونحن نخوض معارك دبلوماسية على الجبهات الدولية، بإقناعهم أن الذين شاركوا بالجريمة من مواطنينا، لا يمثلون بيئة هذا الوطن، ولا عمق وقيم الإسلام، لكن الطابع السياسي حينما يتحالف مع الإعلام القوي، تضيع خلالهما الحقائق ومع ذلك جاء الإصرار على الردود بهدوء وصبر، أعطيا الملك عبدالله دور الفاعل في تصوير الواقع ونقيضه، وأننا على كراسي الأمم المتحدة نستطيع صياغة عقد أخلاقي يتوافق مع عظمة الأديان ورسالاتها، ولعل هذا الموقف هو الذي قدم المملكة كممثل للعالم الإسلامي بأننا شركاء مسؤولية مع كل دول العالم بصرف النظر عن انتماءاتها وعقائدها، وهذا ما وفر لنا جو التفاهم الذي سبق المصالحة والتعاون بين كل الأطراف. الدعوة غيّرت بعض الصور وهي مقدمات لإزالة الصورة كاملة، لكن لا ننسى كيف أساء الإرهابيون إلى الإسلام، وأصبحنا عرضة لإرهاب مضاد فكرياً وعلمياً حتى إن التاجر والمواطن، وحتى المسؤول يوضع تحت دائرة التحري ولا يمنح تأشيرة دخول إلا بعد جدل وانتظار طويلين، وإذا كان ذلك انتكاساً لأزمة 11سبتمبر وما تلاها من أعمال عممت على معظم الدول، فإن تحالف قوى العالم ضد ديننا ومعتقداتنا أدى إلى فك الارتباط معنا، وهي قضية عمل الملك عبدالله على معالجتها بروح المثابرة والحوار، ووضع القناعات بديلاً عن الحروب الفكرية والثقافية ومثل هذا الجهد لا يوصف بأنه عملية سهلة، أو مواجهة خالية من المتاعب، إلا أن كفاءة العمل جاءت معوّضاً عن الخسائر المعنوية. نعرف أن خادم الحرمين الشريفين أكثر زهداً بالمديح والإطراء، لكن قول الحقيقة مجردة، يبقى حقاً إنسانياً وتاريخياً، لأن ما قدمه وأعطاه، يفرضان علينا الإنصاف لشخص عميق الرؤية وكبير في شخصه وفعله.
الرابط
القامة الكبيرة..المصدر-الناشر
صحيفة الرياضرقم التسجيلة
725888النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
14763الموضوعات
التعددية الدينيةالحوار
السعودية - العلاقات الخارجية
السعودية - العلاقات الخارجية - مؤتمرات
حوار الأديان
الهيئات
الامم المتحدةالمؤلف
يوسف الكويليتتاريخ النشر
20081124الدول - الاماكن
السعوديةالولايات المتحدة
الرياض - السعودية
واشنطن - الولايات المتحدة