موعد مع الحوار
التاريخ
2007-11-06التاريخ الهجرى
14281025المؤلف
الخلاصة
موعد مع الحوار غسان شربل الحياة - 06/11/07// يشهد العالم اليوم حدثاً غير مسبوق. لا مبالغة في وصفه بأنه استثنائي وتاريخي. وانه يستحق التوقف عنده طويلا. وإمعان النظر. والانطلاق منه. اليوم سيشاهد العالم البابا بنديكتوس السادس عشر يستقبل في الفاتيكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. يعرف البابا القيمة الرمزية لمصافحة اليوم. وما يمثله الزائر الوافد من بلاد هي مهد الاسلام. ويعرف الملك عبدالله المعنى العميق لهذه المصافحة. وما يمثله الرجل الذي سيستقبله. لم يحل غياب العلاقات الديبلوماسية بين السعودية والفاتيكان دون انطلاق حوار بدأ قبل اربعة عقود. فالسعودية ادركت دائما الثقل الديني والمعنوي والسياسي للفاتيكان. والفاتيكان ادرك دائما ما تمثله السعودية من ثقل ديني وسياسي واقتصادي. وخلال تلك الفترة استقبل الفاتيكان مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى. وكان الحوار يدور حول ملفات اقليمية ودولية في طليعتها الظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني. لكنها المرة الاولى التي يستقبل فيها بابا الفاتيكان ملك العربية السعودية. مجرد انعقاد اللقاء يشكل حدثا كبيرا. لكن اهميته تتضاعف اذا التفتنا الى ما يعيشه العالم منذ بدايات العقد الاخير من القرن المنصرم وتحديدا منذ غياب الاتحاد السوفياتي. ورثت بدايات القرن الحالي عن ذلك العقد سلسلة من ازمات الهوية والانهيارات وعمليات الطلاق الدامية التي اتخذت احيانا طابع الصراع الديني. يكفي تذكر الحرب في الشيشان والانفجار اليوغوسلافي المدوي في قلب القارة الاوروبية والنزاع الطويل في الفيليبين وانحاء اخرى. كما ورثت مقولات راجت عن «صراع الحضارات» و «فشل التعايش» وعن اتجاه الغرب الى احلال الاسلام في موقع العدو الاول الذي كان يحتله الاتحاد السوفياتي. لم تبخل بدايات العقد الحالي بما يصب الزيت على النار. فقد كان الهدف الاول لهجمات 11 ايلول (سبتمبر) اشعال خط تماس دائم بين العالم الاسلامي والغرب. وراهنت «القاعدة» على تغيير العالم الاسلامي على دوي مثل هذا الصدام الكبير. يمكن القول ايضا ان غزو العراق اعطى المتصيدين في مشاعر الغضب الاسلامية فرصة اضافية للترويج للأصوات الانتحارية التي حاولت انتزاع حق التحدث باسم العالم الاسلامي. ولا يمكن انكار ان هذه الاحداث تركت بصماتها على بعض العلاقات بين العالم الاسلامي والغرب وعلى العلاقات بين الجاليات الاسلامية والدول التي تعيش فيها. يمكن القول ان هجمات نيويورك وواشنطن استهدفت العالم الاسلامي قبل ان تستهدف رموز القوة والنجاح لدى القوة العظمى الوحيدة. فقد رمى هذا النهج الانتحاري الى عزل الدول الاسلامية عن العالم الغربي بسياسته وثقافته وتقدمه العلمي والتقني. وهو نهج ينذر بحرمان العالم الاسلامي من امكانات التقدم لتحويله جزيرة تعيش اشتباكا دائما مع كل مختلف ومغاير. ادركت السلطة السعودية باكراً أبعاد هذه الخطة. واختارت اسلوب المواجهة الشاملة مع الارهاب. المواجهة في المنزل والمدرسة والثقافة والمصرف فضلاً عن الامن. وكان الرد الأهم التمسك بخيارات التعايش والتعاون والحوار، مع احترام الخصوصيات والاختلافات ورفض التنكر للمسؤوليات الدولية والقراءة الواقعية للعالم بموازينه وتحولاته. ردت السعودية على محاولة المتطرفين فرض تفسيراتهم وتصوراتهم وملامحهم بالسعي الى الحوار الذي يوضح حقائق الصورة ويوسع مساحات اللقاء ويضمن حق الاختلاف تحت مظلة الاحترام وحفظ المصالح. وفي ما يشبه السباحة ضد التيار قادت السعودية تحركا واسعا في الداخل والخارج لاشاعة قيم الاعتدال والوسطية وقبول الآخر خصوصاً بين الذين يجمعهم الايمان بالله. في هذا العالم الذي يدفع باتجاه الصدام والركام والمحاور وزعزعة الاستقرار والطلاق والجنون الطائفي والمذهبي، يرتدي لقاء اليوم اهمية استثنائية. انه تأكيد صريح على خيار الحوار وأهمية معرفة الآخر واحترام هويته وقناعاته وتفهم هواجسه ومميزات تراثه. والمطلوب ان يكون اللقاء بداية فعلية لحوار معمق على مختلف المستويات يصحح الافكار الخاطئة والانطباعات المتسرعة ويوفر صمامات أمان في وجه الدعوات الى صراع حضارات وحروب دينية او طلاق دموي باهظ. انه لقاء يحجز فورا موقعه في التاريخ لكن الأهم هو ان يشكل علامة فارقة في صنع المستقبل.
الرابط
موعد مع الحوارالمصدر-الناشر
صحيفة الحياةرقم التسجيلة
730348النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
16286الموضوعات
الاسلام والغربالتعددية الدينية
الحوار
السعودية - العلاقات الخارجية
حوار الأديان
مكافحة الارهاب
الهيئات
تنظيم القاعدةالمؤلف
غسان شربلتاريخ النشر
20071106الدول - الاماكن
الاتحاد السوفيتي السابقالبحرين
السعودية
الشيشان
العالم الاسلامي
الغرب
الفلبين
الولايات المتحدة
الرياض - السعودية
المنامة - البحرين
مانيلا - الفلبين
واشنطن - الولايات المتحدة