الملك عبدالله وإثراء التجربة الإنسانية
التاريخ
2008-11-14التاريخ الهجرى
14291116المؤلف
الخلاصة
يخوض الإنسان تجارب الحياة التي تأخذه تارة في اتجاهات تعزز من كرامته وتسعد حياته وحياة الآخرين وتأخذه تارة أخرى في اتجاهات تهدر كرامته وتشقي حياته؛ والإنسان في بعض الأحيان وهو يسعى كفرد أو ضمن الجماعة لتحقيق أهدافه يقوم بهدم أو حرمان أخيه الإنسان من تحقيق أحلامه أو العيش في سلام مع نفسه ومع الآخرين ولعل أسوأ تجارب الإنسانية الحديثة خلال القرون الماضية هي تلك التي استغلت الأديان في سبيل تحقيق مصالح شخصية وجماعية هنا وهناك وقادت البشرية إلى أوقات صعبة ومؤلمة تأثر بها جزء كبير من البشر. لقد اتسعت وتعقدت علاقات الإنسان من المحيط الصغير حوله إلى الدائرة الأكبر التي تربطه بالعالم؛ وتشنجت الكثير من العلاقات الإنسانية بسبب السرعة التي حدث فيها ذلك؛ وأخذ هذا التشنج يشكل العلاقات الإنسانية على كافة المستويات وفق مبادئ أو قيم أنانية سلبية انطلقت من داخل الإنسان لتلغي كل قيم الإنسانية الإيجابية التي تمثل أساس العلاقات الإنسانية التي تحترم الآخر. لقد انطلقت المبادرة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ لإصلاح الخلل الكبير في العلاقات الإنسانية الذي ظهرت علاماته بشكل واضح وتسبب في تشنج العلاقات بين الأفراد والجماعات والشعوب وارتكز هذا الخلل في مقوماته على اختلاف المذاهب والأديان. لقد أطلق خادم الحرمين الشريفين مشروعه الإصلاحي العالمي وفق مراحل بدأت بعقد مؤتمر الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية لطرح أفكارهم ورؤاهم لتعزيز الأسس المشتركة بينهم. ومن هذا المؤتمر أعلن الملك عبدالله دعوته لتنفيذ المرحلة التالية والتي تمثلت بعقد المؤتمر العالمي للحوار بين علماء الأديان والمفكرين لتعزيز المواقف المشتركة بينهم في خدمة الإنسانية والذي عقد في العاصمة الأسبانية مدريد برعاية خادم الحرمين الشريفين وملك أسبانيا. ولقد كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح هذا المؤتمر واضحة ومباشرة في تشخيص واقع الإنسانية وأهمية العمل على دفعها في اتجاه التعايش السلمي بين البشر للعمل على تنمية الإنسان والرقي بحياته. واسمحوا لي أن أورد أجزاءً مهمة من هذا الخطاب الوثيقة عندما ذكّر الملك عبدالله العالم كله «بأننا جميعاً نؤمن برب واحد، بعث الرسل لخير البشرية في الدنيا والآخرة واقتضت حكمته سبحانه أن يختلف الناس في أديانهم، ولو شاء لجمع البشر على دين واحد، ونحن نجتمع اليوم لنؤكد أن الأديان التي أرادها الله لإسعاد البشر يجب أن تكون وسيلة لسعادتهم. لذلك علينا أن نعلن للعالم أن الاختلاف لا ينبغي أن يؤدي إلى النزاع والصراع، ونقول: إن المآسي التي مرت في تاريخ البشر لم تكن بسبب الأديان، ولكن بسبب التطرف الذي ابتلي به بعض أتباع كل دين سماوي وكل عقيدة سياسية»؛ ثم يحدد خادم الحرمين الشريفين في كلمته تشخيصه لتجارب الحوار العالمية السابقة وما يأمله من حوار هذا المؤتمر عندما قال يحفظه الله : « لقد فشلت معظم الحوارات في الماضي لأنها تحولت إلى تراشق يركز على الفوارق ويضخمها، وهذا مجهود عقيم يزيد التوترات ولا يخفف من حدتها، أو لأنها حاولت صهر الأديان والمذاهب بحجة التقريب بينها وهذا بدوره مجهود عقيم فأصحاب كل دين مقتنعون بعقيدتهم ولا يقبلون عنها بديلاً؛ وإذا كنا نريد لهذا اللقاء التاريخي أن ينجح فلابد أن نتوجه إلى القواسم المشتركة التي تجمع بيننا، وهي الإيمان العميق بالله والمبادئ النبيلة والأخلاق العالية التي تمثل جوهر الديانات». وهذه الأيام بدأت المرحلة الثالثة من مبادرة خادم الحرمين الشريفين بقيامه ـ يحفظه الله ـ بعرض مشروعه الإصلاحي العالمي على زعماء العالم في قمة الحوار بين الأديان والثقافات المنعقدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بهدف تعزيز السلام الدولي.. وكانت كلمته أمام المؤتمر ـ وفق الله جهوده وكللها بالتوفيق ـ دعوة للسلام و الاحترام والتعاون والتفاهم المتبادل بين الأفراد والجماعات والدول في سبيل إثراء التجربة الإنسانية. salmugren@hotmail.com
المصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
735484النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
12836الهيئات
الامم المتحدةالمؤلف
سمير المقرنتاريخ النشر
20081114الدول - الاماكن
اسبانياالسعودية
العالم الاسلامي
الولايات المتحدة
الرياض - السعودية
مدريد - اسبانيا
واشنطن - الولايات المتحدة