الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
مبادرة السعودية لحوار الأديان تسقط نظرية صدام الحضارات
الخلاصة
جاءت مبادرة حوار الأديان التي طرحها الملك عبد الله بين عبد العزيز كرد مباشر وقوي على نظرية صموئيل هننتغتون المتعلقة بصراع الحضارات التي كان قد بشر بها في مقالة له نشرت في مجلة فورين أفيرز في صيف عام 1993 وقام بتطويرها في كتاب نشر عام 1996. وبصرف النظر عن هشاشة نظرية هننتغتون، إلا أنه لا يمكن التقليل من خطورتها لأنها جاءت كنبوءة قد تحقق نفسها. فتقسيم الصراع العالمي بحدود حضارية من شأنه أن يعيد تقسيم خطوط النزاع والتعاون بشكل لم نعهده في العلاقات الدولية منذ مؤتمر وستفاليا عام 1648. وبالفعل رأينا كيف أن الطريقة الهننتغتونية التي حددت فيها مجموعة المحافظين الجدد، عندما كانوا في الحكم، مصادر التهديد في العالم جلبت وبالا ليس فقط على إقليمنا بل على مكانة الولايات المتحدة الدولية. تهدف مبادرة حوار الأديان لأن تكون مقاربة كونية تسمو على الخلافات التقليدية بين الدول وتركز على ما يجمع الحضارات والأديان المختلفة دون تمييز. فليس المطلوب خلق حضارة واحدة أو أن يعتنق الجميع دينا واحدا، بل المطلوب منع اختصار علاقة البشر بالخلافات والاختلافات الحضارية والتركيز على أن في الديانات المختلفة ما يكفي من قيم لتكون قاعدة مشتركة للبشر لكي يتعاملوا مع بعضهم بعضا. وجاء في كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز ما يفيد أن الأديان يجب ألا تكون مصدر شقاء للبشرية. وأكد أن التعصب الذي نشهده هذه الأيام يعود لسبب بسيط هو الانشغال عبر التاريخ بنقاط الخلاف بين أتباع الأديان والثقافات. قيمة المبادرة أنها أتت من قلب الإسلام ومن شخصية إسلامية لا يمكن لأحد عاقل أن يزاود عليها. فكون المبادرة تأتي من ملك العربية السعودية يبعث برسالة للعالم أن هناك جديّة لدى العرب والمسلمين في التقارب بين الحضارات وليس الاصطدام بها. وربما لهذا السبب، أي رمزية مصدر المبادرة، تجمع أهم شخصيات العالم في مؤتمر في الأمم المتحدة قبل أسبوع للحديث عن ثقافة السلام. وحضور الرئيس بوش ورئيس وزراء بريطانيا وحضور الملك عبد الله الثاني يعني، من جملة ما يعني، أن هناك تقديرا عاليا للمبادرة. ولا يمكن أن يكون أي من الشخصيات التي ذكرت بحاجة إلى لقاء كفرصة لالتقاط صورة كما يفعل بعض القادة، فحضور هذه الشخصيات رفيعة المستوى إنما يعطي شرعية إضافية لمقاربة حوار الأديان. حوار الأديان من أجل التقارب وحضور الرئيس الإسرائيلي، شيمون بيرس، لا يعني بأي شكل من الأشكال التنازل عن حقوق مقدسة وغير قابلة للتصرف للأشقاء الفلسطينيين. وقد اختصر ذلك الملك عبد الله الثاني عندما أكد في كلمته أن حل الدولتين هو أساس الاستقرار والسلام. نحن أحوج ما نكون هذه الأيام إلى قيادة عربية تتمتع باحترام عالمي وتستطيع أن تبادر لتحقيق أهداف إنسانية وليس أهدافا وطنية ضيقة. لذلك صاغ الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاربته بلغة ومضامين دينية وأخلاقية بشكل حصري. وما من شك أن السعودية في مكان مناسب جدا لإعطاء زخم مهم للمبادرة التي جاءت من الرياض. فهذه ليست المرة الأولى التي تبادر فيها السعودية من أجل الاستقرار والسلام. فنذكر مبادرة السلام العربية ورعاية السعودية مؤتمر مكة المكرمة ومن ثم مؤتمر مدريد لرعاية الحوار بين الأديان الذي جرى في إسبانيا في آذار الماضي. المهم في هذه المبادرة أيضا هو تركيزها على الحضارة الغربية. فإطلاق مؤتمر الأمم المتحدة يعد بمثابة فرصة مهمة ليسمع العالم الغربي أن الدين الإسلامي يحث على الحوار وليس الصراع. وهذا العمل في غاية الأهمية في مجتمعات غربية، تزداد فيها ظاهرة الإسلام - فوبيا، التي تظهر أن المسلمين ما هم إلا كتلة واحدة لا تتغير. وربما من المفيد التذكير أن قوى التطرف في منطقتنا التي اختطفت الدين الإسلامي وأعطته تفسيرات قسرية وإقصائية تنمو بسبب غياب السلام وبسبب سياسات الغرب في منطقتنا. بكلمة، يمكن القول إن تبني السعودية مبادرة بهذا النوع والحجم والاستثمار الملكي فيها يعني توجيه ضربة قاصمة لمقاربة صراع الحضارات. لم تعد البشرية تحتمل أن يفرض منطق صراع الحضارات كمنظم للعلاقات الدولية
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
736838النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
5515الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودحمود بن حماد ابوشامة
شيمون بيريز
عبدالله الثاني
الهيئات
الامم المتحدةتاريخ النشر
20081116الدول - الاماكن
الاردنالسعودية
بريطانيا
فلسطين
الرياض - السعودية
القدس - فلسطين
عمان - الاردن
كامبردج - بريطانيا