ابن الحارة العالمي - مبدعون سعوديون وعرب يتحدثون عن نجيب محفوظ
التاريخ
2006-09-02التاريخ الهجرى
14270809الخلاصة
ابن الحارة العالمي مبدعون سعوديون وعرب يتحدثون عن نجيب محفوظ الأديب والروائي حنا مينه رحل الصديق والمعلم والرمز، رحل الذي شغل الناس، وملأ الدنيا، قبل جائزة نوبل وبعدها، وأعطى، حتى اللحظة الأخيرة في حياته، عطاء أدبيا رائعا، كان يمليه على ابنته، أطال الله في عمرها وعمر زوجته الوفية، التي لم يعرفها أحد، ولم يعرف بيته أحد، ولم يدخل في نسيج حياته العائلية أحد، إلى كانت جائزة نوبل، التي تكرمت به ولم يتكرم هو بها «فتدافع الناس، واقتحموا بيته، وعرفوا من أمور حياته، ودقائقها الشيء الكثير، دون أن يمتنع عليهم، لأنه، منذ الجائزة الكبرى، صار ملك نفسه، وملك الناس على السواء، وأدرك هو أن عليه ألا يتوقف عن العطاء، ولا يسمح للشهرة أن تبهره وتلهيه عن واجبه الأدبي، أو تجعل من قلمه سيفا ذهبيا معلقا على حائط مدنيته، واثيرته القاهرة . نعم رحل نجيب محفوظ، الذي لم يغادر القاهرة إلا إلى الاسكندرية، ولم يسافر، في حياته إلا مرتين، الأولى إلى يوغسلافيا والأخرى إلى اليمن، واكتفى، حتى الطعنة الخائبة في عنقه بدخول مشفى العجوزة ثم الخروج منها، ليواصل طريقه المستقيم طريق القول عندما يكون القول مفيدا، وطريق الصمت حين الصمت أبلغ من الكلام! إن شهرة نجيب محفوظ الممتدة في الزمن، طوال أربعة وتسعين عاما امتدادا لا عوج فيه، كانت بدايتها مع ثلاثيته الرائعة «قصر الشوق، بين القصرين، والسكرية» وقد تتلمذنا، في الرواية على يديه، وعلى البشر في قسمات الوجه، والتواضع في ابتسامته من وراء نظارته شبه السوداء في زجاجتها والإطار، ومجلسه في مقهى ريش وغيره، محاطا بين اصدقائه من الحرافيش . إن العرب قوم لا يعيبهم البكاء، فقد بكوا، في تاريخهم، واستبكوا وهذا معروف من الجميع، وإذا ليس من العيب في شيء أن يبكي حنا مينه استاذه نجيب محفوظ وان يمتنع على الذين، حقا أو بغير حق، كانوا يحاولون اغرائي بأنني أجدر منه بجائزة نوبل، ولم يكن نجيب محفوظ، رحمه الله، يبالي بهذا الهراء، واكتفى بالرد الحاسم، حين سئل بعد فوزه بنوبل، من ترشح بعدك لهذه الجائزة فقال، دون تردد وبجهارة الصوت «حنا مينه » وظل على موقفه هذا حتى لفظ آخر أنفاسه الطاهرة. لماذا، إذا، هذه المحاولات الرخيصة، من أناس بينهم الفضلاء وبينهم السفهاء!؟ حبا بي تقولون ؟ ربما، كيدا للمعلم الراحل؟ ربما أيضا، إلا أن الحقيقة المعروفة جيدا، هي أن العالم الروائي المتكامل لم يبلغه إلا المعلم الراحل، وتلميذه الذي يقتربه، رويدا رويدا من الرحيل، ومن هذا المنطلق وقبل ما يزيد على خمس عشرة سنة، قال، في تكريمه لي، قولته المشهورة كخليفة في الأدب لا في السياسة مع أن السياسة لا تنفصل عن الثقافة وقد قلت، في مقابلة صحفية ودون وجل، أن الخطاب السياسي فقد مصداقيته، وأن على السياسيين أن يتعلموا من المثقفين، وأنا أقول الآن بغير زلفى أو ملق أن خطاب الملك عبد الله في مؤتمر القمة في بيروت والذي قال فيه «الانسحاب الكامل مقابل السلام الكامل» هو استثناء عما قلته آنفا حول الخطاب السياسي وفقده المصداقية. إن رحيل نجيب محفوظ، حتى في سنه المتقدم في العمر، خسارة كبيرة للأدب العربي، وخسارة أكبر للرواية العربية وخسارة لا تعوض للشهرة العالمية، فقد كان الراحل الكريم، في إبداعه، سفيرا لنا عند غيرنا وكان حضورا لنا في العالم، كما للعالم حضور أدبي عندنا، ومن العزاء لنا، أو محاولة التعزي ان الأدب العربي، المحاصر من الصهيونية ذات النفوذ العالمي في الإعلام قد أخذت سطوتها هذه تتبدد، وسدها الذي حسبت أنه لن ينهار، كما أن جيشها لا يقهر، قد ذرت قشوره ريح الواقع الراهن، فقد اخترق الأدب العربي حصار الصهيونية العالمية له كما قهر جيشها على أيدي المقاومة الباسلة في لبنان. ومع كل التقدير لأدب أميركا اللاتينية، وفي المقدمة أدب مركيز، فإن الصهيونية العالمية لا تخشاهما لأن أدب مركيز وأمثاله من الأدباء لا يمس إسرائيل وسمعتها الملطخة بالوحل في جنوب لبنان، بينما تخشى هذه الأفعى ذات الرؤوس السبعة، الادب العربي، وتحاصر ترجمته وانتشاره في العالم، لأنه يفضح عنصريتها ونازيتها واجرامها فضحا لا يدحض. أيها المعلم الراحل، ايها المبدع الكبير، أيها الصديق العزيز، إننا ننحني في وفاتك أمام نعشك، ونسأل الله العلي القدير أن يفسح لك في جنات النعيم كفاء ما قدمت لوطنك وأمتك، فنم قرير العين، بعد أن أكل الحرف عينيك الاثنتين، وطوبى لك حيا وميتا ! إن قول الجواهري ينطبق، تماما، على جثمانك الملفوف بكفن القلوب من محبيك في كل ناحية من العالم، فقد كان الجواهري يرثي المبدعين العرب في قوله: «يا دراجا في الخلود ضميره، صلت عليك الرفقة الأبرار» وربما، في قوله هذا، كان يقصدك أنت بالذات . سلاما ووداعا يا معلم، ولنا، من بعدك، عزاء في المبدعين العرب أمثالك .
المصدر-الناشر
صحيفة الرياضرقم التسجيلة
746012النوع
تقريررقم الاصدار - العدد
13949الموضوعات
الثقافة العربيةالمؤلف
طامي السميريمحمد احمد طيارة
تاريخ النشر
20060902الدول - الاماكن
السعوديةالعالم العربي
امريكا اللاتينية
لبنان
مصر
الرياض - السعودية
القاهرة - مصر
بيروت - لبنان