الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
العمل الفردي آفة الفكر الإسلامي
التاريخ
2006-03-11التاريخ الهجرى
14270211المؤلف
الخلاصة
لا تزال هناك ملفات معلقة في الفكر الإسلامي غفل أو تغافل عنها الاجتهاد أو أنها خضعت لرؤى أحادية واجتهادات شخصية لا ترقى إلى بلورتها كرأي موحد نتيجة للعزوف عن العمل الجماعي الذي هو أدعى للحق وتحري الدقة والخروج بنتائج مذهلة، ذلك أنه يصاغ بمعادلات ذهنية متعددة ومختلفة المشارب تحيط بالفكرة من جميع جوانبها, فما غاب عن عقل أحاط به عقل آخر, وما غفل عنه عقل استدركه عقل آخر وهكذا حتى تتبلور الفكرة ويكتمل بناؤها وتقل بها احتمالات الخطأ إلى الحدود الدنيا وتكون أدعى للصواب. وبنظرة فاحصة سريعة لتاريخنا الإسلامي الطويل نجد أن العمل الفردي والاجتهادات الشخصية والتوحد في الرأي يكاد يطغى على الحراك العملي والثقافة الإسلامية في تفسير النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والفقه والروايات التاريخية والفلسفة الإسلامية وغيرها, ونجد أن هناك مؤلفات ومصنفات قام بها نخبة من العلماء كرؤى فردية أحيطت بقداسة مشددة لا يمكن لسهام النقد أن تخترقها وكأنها أقرب للنصوص القرآنية التي لا يأيتها الباطل من بين يديها ولا من خلفها, وغدا ما فيها من المسلمات التي لا يرقى إليها الشك فضلاً عن تمحيصها وتفنيد ما قد يعتريها من هفوات وأخطاء ونقص، وبات الناس يتهافتون على طباعتها ويجتهدون في تنقيتها وتنقيحها من دواخل الكلم عليها وكأنها ليست من كلام البشر مثل الكثير من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب الأئمة الأربعة -مع إجلالنا العظيم لهؤلاء الأعلام ومناهجهم ومكانتهم العلمية العالية- وكتب الفقه والتفاسير المشهورة وغيرها كثير, والأدهى من ذلك أن تترجم تلك الكتب إلى لغات أخرى وخصوصاً اللغة الإنجليزية على علاتها كما هو حاصل في ترجمة الشيخ يوسف علي لمعاني القرآن وحشوه لتلك الترجمة بتفاسير أخذها حرفياً من تلك الكتب لا يتناسب الكثير منها مع عصرنا الحاضر ويتضارب مع الفكر الإنساني الحديث, وهذا العيب الكبير كان يمكن تفاديه لو تم بالعمل الجماعي الذي هو أدعى للصواب, فالقرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى ولا ينبغي لفرد مهما كان علمه واسعا وشاسعا أن يتوحد برأيه فيه حتى لو استعان بكلام غيره وحول ينابيع العلماء لتصب في حوضه يبقى علمه ناقصا وغير مكتمل وترتفع فيه احتمالات الخطأ الذي ربما كان مميتا, بعكس لو قامت مجموعة كبيرة من العلماء المسلمين من شتى بقاع الأرض وبمختلف الاختصاصات العلمية والأدبية واللغوية والتاريخية والفلسفية والاجتماعية ونذروا أنفسهم لخدمة هذا الكتاب العظيم وكونوا لجنة عظمى ودائمة يكون هاجسها الأوحد دراسة وترجمة وتفسير هذا الكلام الرباني العظيم ومن ثم تنقيح تلك الدراسات بشكل دوري وكذا في الأحاديث النبوية الشريفة بعد إعادة إخراجها وتصحيحها تكون هناك لجنة أخرى مماثلة، وينسحب ذلك المشروع على بقية التراث الإسلامي برمته من كتب ومصنفات ورسائل وغيرها والتدقيق والتنفيذ واستبعاد الطالح وإبقاء الصالح بكل أناة وروية فهذا الأمر لا تجدي فيه العجلة ولا الحكم العابر السريع. وأناشد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - أن يتبنى برعايته تلك المهمة العظمى ويدعمها مادياً ومعنوياً, فهو الأحرى بأن يناط به مثل هذا العمل كونه أضحى إماما للمسلمين وما عودنا عليه من حب لله والإسلام والقرآن والخير والسلام يشجعنا على ذلك.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
747033النوع
زاويةرقم الاصدار - العدد
4534المؤلف
عبدالعزيز بن محمد العريفيتاريخ النشر
20060311الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية