الملك.. والرسالة الأخلاقية
الخلاصة
الرسالة التي بعث بها مؤخرا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ إلى زعماء العالم عن طريق سفراء بلدانهم في المملكة، ومع كل ما فيها من الوضوح والمباشرة، وتسمية الأشياء بأسمائها فيما يخص التعامل مع قضايا الإرهاب وأدواته، إلا أنها تحمل في مضامينها ذلك البعد الأخلاقي الذي ظل هو العنوان الأبرز للسياسة السعودية على مر تاريخها الطويل، والتي تعتمد على تغليب المصلحة العامة على المصالح المنفردة، والرؤية للوقائع والأحداث على ضوء هذا المبدأ النبيل، وهي رؤية القادة والزعماء الكبار الذين لا ينطلق تقييمهم للأمور من خلال موقعهم فيها، وإنما من خلال تأثيرها على الإطار العام. خادم الحرمين ـ حفظه الله ـ وبعد أن استعرض مع السفراء مخاطر الإرهاب التي تمزق الوطن العربي، وتعبث بأمن شعوبه، وتلد كل يوم فصيلا جديدا ينضم إلى قائمتها الدموية السوداء، وتنذر بالمزيد من العدوان على الإنسانية بارتكاب تلك الجرائم الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية، وتنفر منها حتى أخلاقيات وأدبيات الحروب، أراد أن يبين لمن يقف موقف المتفرج من هذه الأحداث الدامية أنه لا يتناولها من منطلق تهديداتها لأمن بلاده والمنطقة وحسب، وإنما أيضا من خلال تهديدها للسلم العالمي برمته، مشيرا بصريح العبارة إلى أنها لو تركت فإنها ستبلغ الجغرافيا الغربية خلال شهر، وحتى إلى ما وراء ذلك خلال شهرين، ليحذر كل من يريد أن يستثمر سياسيا في ورقة الإرهاب للعمل لصالحه بأنه لن يكون هو بمنأى عن تلك الجرائم التي تهدد أمن العالم كله، وتعمل على تحويله إلى غابة منسية تتصارع فيها الوحوش وتتسابق على أيها أشد فتكا وأكثر شراسة. هذه اللغة المسؤولة التي استخدمها خادم الحرمين في رسالته، وطالب السفراء بنقلها إلى زعماء بلدانهم، ليست لغة تحذير، وإنما هي لغة دعوة للإقرار بخطورة الواقع من رجل وقائد وزعيم عرف عنه أنه واحد من أبرز القيادات العالمية التي عملت ولا تزال تعمل على إقامة العالم الأكثر أمنا عبر مشاريعه الأخلاقية والحضارية في حوار الحضارات والأديان، وتكامل الثقافات، والتصدي للغة القتل والموت والدمار وتشويه وجه الإنسانية، والعمل على جمع كل أسباب الوحدة والعيش المشترك في إطار من التكامل بين حضارات الأرض وأممها وشعوبها، ليضع أولئك القادة، ويعيدهم للعمل على قاعدة المبادئ التي استخلفت الإنسان على وجه هذه الأرض لإعمارها وبنائها، وإسعاد القاطنين عليها بالحرية والعدل والعيش الكريم، والتصدي لكل الخارجين على تلك المبادئ الأخلاقية وتجريدهم من أدوات التدمير لكف شرهم وأذاهم عن الأبرياء، وهذا هو ديدن القادة الكبار الذين يستطيعون أن يقدروا مسؤولياتهم في اللحظة الحاسمة ليمنعوا الظلم والعدوان، ويجمعوا العالم على كلمة سواء، تصون البشرية، وتحفظ دماءها، وتجنبها ويلات الشقاق والنزاع والاستسلام لقوى الشر والظلام، التي تعمل على تمزيقها والعبث بأشلائها كجثة هامدة. والسؤال المطروح الآن وأمام هذه الرسالة التاريخية والأخلاقية: هل يعي العالم خطورة الموقف على المستوى الإقليمي والدولي قبل فوات الأوان.. أم يستسلم لرهانات البعض ممن لا يدركون أنهم يقامرون بوجودهم وأمن دولهم، قبل أن يقامروا بهذه الأوراق السوداء البغيضة لأغراض آنية لا حظوظ لها في الحياة بعد انكشاف زيفها وعريها؟.
الرابط
الملك.. والرسالة الأخلاقيةالمصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
858740النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
15054الموضوعات
الحوارالسعودية - العلاقات الخارجية - العالم العربي
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - تراجم
مكافحة الارهاب
تاريخ النشر
20140902الدول - الاماكن
السعوديةالعالم العربي
الرياض - السعودية