الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الحرمان الشريفان.. الأمانة منهج الحياة
الخلاصة
الحرمان الشريفان.. الأمانة منهج الحياةكلمة الاقتصادية تناولت خطبتا الجمعة في الحرمين الشريفين موضوع الأمانة كجزء من منظومة القيم التي نادى بها الإسلام منذ فجر تاريخه، على اعتبار أنها إحدى أهم أخلاقيات العمل، سواء على المستوى الشخصي، أو على مستوى العمل العام، تأسيسا على أنها تمثل محور الحقوق والواجبات في عقيدة الإنسان المسلم تجاه دينه وأمته ووطنه، من منطلق التكليف الإلهي الذي جعل الإنسان يتصدى لها، بعد أن أشفقت السموات والأرض من حملها، تبعا لعظم شأنها، وقد ركزت الخطبتان في وقت واحد على هذا البعد الإيماني الكبير في مسؤولية الأمانة.. حيث توقف فضيلة الشيخ سعود الشريم إمام وخطيب الحرم المكي الشريف عند الأمانة في حدها الإيماني، مذكرا بما جاء في الكتاب والسنة من نصوص تضعها في خانة المعيار لصلاح الأمة، وسلامة عقيدتها، وحسن سلوكها، في حين ذهب فضيلة الشيخ حسن آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف إلى البعد التطبيقي للأمانة عندما ناقش من عدة محاور الأمانة في مستوى المسؤولية العامة، وحفظ حقوقها فيما شرع الله، فيما يتصل بإتقان العمل من قبل المقاولين، وعدم المغالاة في الأسعار، وتحاشي تأخير مصالح الناس، والتأكيد على استبراء الذمة المالية في كل شأن يتعلق بما يصرف من بيت مال المسلمين على الشؤون العامة. وقد اتفق السياق العام للخطبتين على أن الأمانة هي قاعدة أي عمل إصلاحي حقيقي، وهي في الإجمال ضابط الإتقان الذي يستطيع أن يحفظ المجتمعات ويصون جميع علاقاتها في الحقوق والواجبات، لهذا جاءت الوقفات المليئة بالعظة من أهم منبرين في العالم الإسلامي.. لتؤكد فضيلة الأمانة ودورها في حماية أمن المجتمعات، ورعاية مصالحها، لتعيد للأذهان رؤية هذا الدين العظيم لهذه القيمة العظيمة ولتذكر أبناء الأمة، كل من موقعه، بدوره في حفظها ورعايتها وتكريسها بين الناس، خاصة أن المجتمعات لا يمكن أن يستقيم حالها، أو يعلو شأنها، ما لم تتخذ من الأمانة منهج حياة وسلوكا عاما. ولا شك أن المملكة التي تشهد أضخم وأهم عملية إصلاح حقيقية يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله – تنظر إلى هذه القيمة على أساس أنها خط الدفاع الأول لحماية مصالح الناس، وحفظ المال العام، لإنفاقه في وجوهه الشرعية، تدرك أن أي عمل لا يأخذ حصاناته الموضوعية من ضمير الأمانة لا يمكن أن يكتب له النجاح، ولن تتحقق به مصلحة البلاد والعباد، وهو ما دعا قائد الإصلاح غير مرة إلى التأكيد وفي أكثر من مناسبة على مسألة الذمة، على اعتبار أنها الترجمة الدقيقة للأمانة التي تدفع نحو ترقية ميزان العدل الاجتماعي، وهي مسألة تشبه انتظام حبات العقد لا تنتظم إلا حينما تكتمل كل حباته، لأن أي خلل في أي منها سيؤدي إلى انفراط هذا العقد، لذلك هي مسؤولية جماعية يشارك فيها الجميع من أجل مصلحة الجميع، فالمواطن الذي يشغل منصبا في سلم الخدمات العامة مسؤول من موقعه في مراعاة الله فيما بين يديه من الأمانة، والتاجر مسؤول في ميدان تخصصه بالدرجة نفسها، والمواطن مسؤول أينما كان عن تكريسها في علاقاته وتعاملاته مع غيره، والمعلم مسؤول مع تلاميذه، والطبيب مع مرضاه وهكذا.. بمعنى أننا أمام مسؤولية جماعية تتكامل خيوطها في نسيج واحد لا تنفصل عن بعضها إلا لتلتقي على النسيج ذاته الذي يستمد مشروعيته من تعاليم الدين الحنيف الذي جعل الأمانة أهم ما حمله الإنسان، ما يعزز من مشاعر الانتماء للعقيدة أولا ثم للأرض والوطن، وهي مسائل وعاؤها الضمير الحي والإيمان الحقيقي الذي يعرف حدود الله، ليؤديها بما يرضي الله، ويقيم موازين التعفف من خلالها بما يحفظ له دينه وأمنه النفسي، ما ينعكس بالنتيجة على جهود ولي الأمر ويعينه في مهمته الإصلاحية الكبيرة في تجفيف منابع الفساد، والقضاء على التجاوزات التي تهلك الحرث والنسل.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
408563النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
5922تاريخ النشر
20091228الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية