الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
المصالحة العربية أولاً ثم المصالحة الفلسطينية وحق المقاومة
التاريخ
2009-05-11التاريخ الهجرى
14300516المؤلف
الخلاصة
الانقسام الفلسطيني هو نتيجة وهو إحدى تبعات الانقسام العربي، ولذلك لا أجد مسوغاً لمهاجمة بعض المسؤولين أو المحللين السياسيين أو الإعلاميين العرب، الأطراف الفلسطينية، وتحميلها مسؤولية ما وصلت إليه القضية الفلسطينية، وأوضاع الشعب الفلسطيني تحت الحصار الجائر. إذ عندما كانت القوى العربية متفاهمة، ودائمة التنسيق، كان الفلسطينيون كذلك، وعندما اختلفت اختلف الفلسطينيون، والمتتبع سيرى بوضوح أن الانقسام العربي سبق الانقسام الفلسطيني. وكان لحادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، تأثير كبير على مسيرة العمل العربي المشترك، وبدا وكأن هناك من أراد أن يجعلها منعطفاً تاريخياً، ونقطة زمنية فاصلة ما بين عهدين، سُمي الجديد منها بالشرق الأوسط الجديد، إذ كانت الحادثة بمثابة الشرارة التي أطلقت الخلاف العربي، وظلت تبعاتها تعمق هذا الخلاف، والفاعلون والمستفيدون من هذا الخلاف لم يفوتوا الفرصة، فساهموا بشكل أو بآخر على المزيد من تعميقه، حتى انقسمت الدول العربية، وصُنفت ما بين دول الاعتدال، وأخرى ممانعة، ومتطرفة، وداعمة للإرهاب، وما إلى ذلك من مصطلحات طُبخت وأطلقت من خارج الدول العربية، وتلقفتها وسائل الإعلام العربية واستخدمتها وروجت لها، لمزيد من الترسيخ لواقع الانقسام. والمتابع لما يجري سوف يلاحظ أن الانقسام العربي، والتدافع والصراع المفتعل، تأسس على الخلاف على حق المقاومة للاحتلال، الذي تقره كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، وتُقره حتى القوى الخارجية التي تؤجج الخلاف بوصف المقاومة بالإرهاب. ولذلك لن تكون هناك مصالحة، لا عربية ولا فلسطينية، ما لم يقر الجميع بحق الشعوب المحتلة في مقاومة المحتل بكل الوسائل بما فيها الحربية. وهذا الكلام ليس عاطفياً ولا حماسياً، وإنما هو أقرب لأن يكون سنة كونية، وفطرة إنسانية، تصدقها التجارب الإنسانية، والأحداث التاريخية. ولن تجدي وسائل القمع والتخويف والترهيب التي مارستها الإدارة الأمريكية، واستمرأتها بعد أحداث 11 سبتمبر، ولن يفيد الحصار والقتل والقصف والتدمير، ولا حتى الاستجابة لضغوط المحتل، والقوى التي تقف من ورائه، فجذوة المقاومة ستبقى، وسينهزم المحتل لا محالة بإذن الله، وزوال الاستعمار الغربي من جميع دول آسيا وأفريقيا في القرن الماضي، وحتى زوال الاحتلال البريطاني لأمريكا نفسها، كلها شواهد من التاريخ الحديث على ذلك. إن جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في المصالحة العربية، هي جهود موفقة، وجاءت في وقتها، وكلماته التاريخية في قمتي الكويت والدوحة، ومن قبلها كلمته في قمة الرياض التي أشارت إلى التواجد غير الشرعي للقوات الأمريكية في العراق، يمكن أن تؤسس لمصالحة حقيقية، وتعيد للعمل العربي المشترك حيويته. ولذلك أدعو إلى أن يكون منطلق المصالحة العربية الاتفاق على حق الشعوب في المقاومة، لأي احتلال كان، وفي أي مكان. وفي رأيي أن أخطر ما تواجهه أمة العرب هو فقدان أنظمتها القدرة على التحاور والتشاور والاتفاق فيما بينهم، واستجاباتهم – ولو بغير قصد - لنصائح قوى خارجية لا ترى إلاّ مصالحها. ومما أثار دهشتي ما تناقلته الصحافة العربية خلال الأسبوع الماضي حول إعلان بعض الدول العربية رفضها للتقارب الإيراني الأمريكي إذا ما كان على حساب المصالح العربية، وسبب دهشتي هو ما الذي تملكه الدول العربية تجاه التقارب الإيراني الأمريكي، حتى تقبل أو ترفض، وما الذي تستطيع فعله إذا ما تم مثل هذا التقارب؟؟ وما هو ضرر هذا التقارب إذا كان التقارب العربي الأمريكي نفسه على مدى عقود مضت لم يخدم المصالح العربية، بقدر ما خدم المصالح الأمريكية؟ وأكبر شاهد على ذلك ما آلت إليه القضية الفلسطينية، وتبعاتها على الشعوب والأنظمة العربية، وعلى جميع المستويات، الثقافية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية والتعليمية وأضف ما شئت من المستويات، فالتنمية في الدول العربية شبه مشلولة طوال الستين سنة الماضية، ويبدو أن الغرب نجح في زرع هذا الورم الخبيث المسمى إسرائيل في خاصرة الأمة، لإشغالها وإيقاف كل المشاريع الجادة لتنمية حقيقية لشعوبها. والغريب في الأمر أنه في مقابل التخويف من الخطر الإيراني وأطماع إيران في المنطقة، لا نجد أي فعل حيال هذا الخطر المزعوم، والاكتفاء بالحديث عنه، وأخذ مواقف عربية معادية لإيران، في حين أن الصحيح هو تفنيد المزاعم التي يروج لها الغرب حول الخطر الإيراني، فإن صحت فالواجب الإعداد والاستعداد لمواجهة هذا الخطر المحدق، وإن لم تصح يصبح الواجب التعاون والتنسيق مع إيران كدولة جارة، تتقاطع مصالح العرب مع مصالحها بفعل الدين والتاريخ والجغرافيا، أكثر من تقاطعها مع مصالح دول أخرى، يغلب عليها أنها مؤقتة ومرتبطة بما يملكه العرب من ثروات.
المصدر-الناشر
صحيفة المدينةرقم التسجيلة
462044النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
16819المؤلف
فائز بن صالح جمالتاريخ النشر
20090511الدول - الاماكن
اسرائيلاسيا
السعودية
العراق
الكويت
ايران
قطر
الدوحة - قطر
الرياض - السعودية
القيروان - الكويت
بغداد - العراق
طهران - ايران