الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
داعياً إلى التمييز بين القاضي المبدع ومن دونه د. العبداللطيف : الفقهاء بينوا الأحكام وبوبوها بما يتوافق مع عصورهم .. فهل قمنا بذلك ؟
الخلاصة
أوضح المحامي والمستشار القانوني الدكتور عبدالعزيز بن عبد الرحمن العبداللطيف أن عملية التقاضي تتكون من عدة عناصر، فهناك: القضاة، والنظام المستند عليه في الحكم، والخصوم، والإجراءات الإدارية (الإدارة عموماً). وحتى يتم التطوير فلابد من تطوير هذه العناصر جميعاً، مضيفاً أنه عندما يثور أي نزاع بين طرفين أو أكثر، وعندما يتم ارتكاب جريمة من الجرائم، فهناك عدة جهات تتعامل مع الموضوع، منذ نشوئه وحتى الفصل فيه وإعطاء كل ذي حق حقه. وأنا هنا بصدد الحديث عن المرحلة التي تبدأ بإحالة أو تقديم الخلاف إلى جهة الفصل فيه. واستشهد الدكتور العبداللطيف قائلاً: فالقضاة على سبيل المثال، هل يتلقون من التعليم والتدريب ما يجعلهم مؤهلين عند استلامهم للعمل من القيام به على الوجه اللائق، وهل التعليم الذي يتلقونه يتواكب مع مستجدات العصر، ثم بعد استلامهم لأعمالهم هل يتم تدريبهم وتطويرهم على المستجدات، وفق برامج معدة لهذا الغرض؟ وأضاف قائلاً: ولعلي أستشهد هنا بكلام نفيس للإمام ابن قيم الجوزية، حيث يقول: (ومن أفتى الناس بمجرد المنقول بالكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضلَّ وأضلَّ، وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية من طبب الناس كلهم على اختلاف بلادهم وعوائدهم وأزمنتهم وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا المفتي الجاهل أضرُّ ما على أديان الناس وأبدانهم) أعلام الموقعين (3-50). وتابع المحامي العبداللطيف قائلاً: ثم هل هناك تمييز بين القاضي المبدع في أداء أعماله والمساهم في تطوير مرفق القضاء وما أكثرهم، وبين من هم دونه في ذلك، حتى يكون حافزاً للجميع لتطوير أدائهم؟ مضيفاً: وأما النظام فمن المتفق عليه أن خير الأنظمة هو ما ورد في شريعة الله جلَّ وعلا، لكن كتب فقهاء الشريعة على مدى العصور وبينوا فيها الأحكام وبوبوها بما يتوافق مع متطلبات عصورهم، فهل قمنا بذلك أم قصرنا في هذا الاتجاه؟ أنا لست مع من يقول بالتقنين بإطلاق ولا مع من يعارضه بإطلاق، بل الأمر وسط بين الأمرين يدركه أهل الاختصاص. ومضى الدكتور العبداللطيف قائلاً: لقد بيَّن رسولنا عليه الصلاة والسلام أن أمل الإنسان يتجاوز أجله، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطَّاً مربعاً, وخطّ خطّاً في الوسط خارجاً منه, وخطّ خُططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط, فقال: (هذا الإنسان, وهذا أجله محيطاً به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله, وهذه الخطط الصغار الأعراض, فإن أخطأه هذا نهشه هذا, وإن أخطأه هذا نهشه هذا)، أخرجه البخاري، فآمالنا هي الحافز لنا لمزيد من العطاء، ولمزيد من السعي نحو الرقي. وأردف: لقد عاصرت العمل القضائي عشرات السنين ورأيت تطويراً في مناح عديدة، صحيح أن التطوير بطيء لا يرتقى كما نأمل، إلا أن ما نراه من خطوات جادة هذه الأيام يبعث الأمل في النفوس، ولعل التغييرات التي أحدثها ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين في الأيام الأخيرة تكون نقطة تحول في مسيرة العمل القضائي، وأكد قائلاً: لقد أدى السابقون جهوداً كبيرة وأنجزوا إنجازات طيبة، ونأمل فيمن تم تعيينهم ونعلق عليهم آمالاً عريضة، أعرف بعضهم معرفة شخصية، وأعرف عنهم همة كبيرة، وسعة تصور، مع حسن خلق، وهذه من العوامل المهمة للنجاح. ورأى العبداللطيف أن الإعلام سلاح ذو حدين كسائر الأدوات، ولذا فإن تم استخدامه في الوقت المناسب، وبالطريقة الصحيحة كان ركناً من أركان البناء، وأما إن استخدم بطريقة أو في توقيت غير مناسب، فربما أحدث آثاراً عكسية غير محمودة، ولذا فينبغي لنا التوازن عند التعامل مع الإعلام، فوصول القضايا إلى الإعلام محمود وفق ضوابط معينة، وفي الوقت الذي يكون فيه وصولها سبباً في البناء، وكإضاءة في هذا المجال فإن الله تعالى يقول: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ... وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}، ففي هذا إعلان وإعلام بالواقعة وبالعقاب، لكن ذلك وفق ضوابط يسند إلى أهل الاختصاص تقعيدها وتوضيحها حتى يكون الإعلام مساهماً في النجاح القضائي , ولا يكون سبباً في ضياع الحقوق أو انتشار الجرائم.
المصدر-الناشر
صحيفة الجزيرةرقم التسجيلة
486064النوع
تقريررقم الاصدار - العدد
13314الموضوعات
القضاء - تخطيطتطوير القضاء
تاريخ النشر
20090312الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية