الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
التوجيه الملكي أعاد الإخضرار لسوق الأسهم
الخلاصة
هنالك نوع من الناس يسعى إلى طلب التقدير والمجد لنفسه, تلك طبيعة بشرية ومسعى جميل طالما أن ذلك بعيد عن الابتذال. بينما هنالك أناس أفذاذ من خيرة البشر يسعى إليهم التقدير والمجد سعيا حثيثا، يسابقان الريح والبرق ليكللانهم بأزهى الهالات وأسماها, هكذا هو الحال مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. رجل هو كل الرجال, قلبه الوطن وبصيرته جموع المواطنين, ما تلفت هذا الشعب يمنة ويسرة إلا وبسمة هذا النبيل العملاق البهي تملأ عليه الأفق, فمن كان قد أظل رأسه غم يتبدد، ومن كان قد أسهر هواجسه قلق يطمئن. لا أقول ذلك متجاوزاً بوصف مقام أبو متعب السامي أقدار البشر وخلقتهم, إنما بالتأكيد، متجاوزاً به أقدار قادة عظام فما بالنا بقادة أتعسوا شعوبهم وأذاقوهما المر والهوان, ساقوهم إلى عبودية وسخرة يرفعون لهم النصب والتماثيل يدفعونهم عنوة إلى تدبيج القصائد العصماء وحشو الكتب تملقا ومديحا وهم بالزراية أولى. كان ثمة ثقة مفرطة في وجدان أبناء هذا الوطن في أن أبو متعب مقيم معهم في بيوتهم أو مكاتبهم واحدا منهم, أبا لهم, يجاذبهم أطراف الحديث وأواسطه, يشرب القهوة معهم. لقد زارهم مرارا, شاهدوه بينهم في المناسبات والأعياد فارسا مهيبا رؤوما يطوح بعفوية وجذل قامته المهيبة بين الصفوف ويلعب بالسيف وسط الحلبة في رقصة العرضة بجلال أبوي عارم فتدنو عند هامته الغيم واليمام والبرق متهللات في مهرجان حضوره تماما مثلما تهلل الناس لحضوره وقد طاف كدر سوق الأسهم بهم فبادر هو بفتح طاقة الفرج وسارع إلى التوجيه بإيجاد المخارج التي تعيد العافية إلى السوق والزغاريد للقلوب. هذا هو عبد الله بن عبد العزيز, وهذه هي واحدة من لمساته الحانية, فالجموع التي كانت متلهفة لسماع كلمته, تشربتها أحاسيسهم قبل أن تسمعها أو تشاهدها أو تقرأها في وسائل الإعلام. إنما تبقى بعد انجلاء الغمة أسئلة لا بد من طرحها هنا بشأن ما حدث وما قد يحدث: أكان لا بد أن يضطر الناس إلى الاستنجاد بالحكومة مما أصاب الأسهم؟ وهل يبقى دأبنا ننشد الحل ممن وضع جهات يفترض فيها أن تكون قد أعدت الآليات والضمانات التي تكفل الحلول وعدم الانزلاق إلى أزمة أو تخثر للإجراءات؟! نحن نقدر حسن نوايا كل الجهات ذات العلاقة بسوق المال والعاملين فيها, لكن كانت المثالب واضحة والأصوات لم تدخر وسعها في الإشارة إلى التأخر في تنفيذ القرارات، نقص الآليات, طلب تفعيل الإفصاح والشفافية، وحوكمة الشركات, إلى ميوعة السماح بتداول أسهم شركات لا قوام لها ولا وزن, علاوة على عدم المضي في فتح قنوات استثمارية جديدة ذات جدوى تسهم في توسيع الملكية, وغيرها من حلول طرحها المختصون وأصحاب الخبرة وكانت تحتاج إلى من يصغي وينحاز للاستشارة والاستنارة لصياغة استراتيجية عملية تخص البنية التحتية للسوق وهيكلتها والمنهج الذي ينبغي أن تدار على أساسه أنشطتها وسياسات تطويرها وتعميقها وتوسيعها وحمايتها. اليوم, أسهمت نجدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في إعادة الاخضرار إلى ما كاد أن يصبح هشيما تذروه الرياح, وعاودت الابتسامات الأفواه التي زمت شفاهها خلال الأسبوعين الماضيين, لكن ولكيلا تتربص المفاجآت بالفرح ولكي نجعل عمره مديدا, ينبغي أولا (مع عميق الشكر والتقدير للقيادة السديدة) أن نحاذر الاتكاء على تدخل الحكومة ونطالبها بنجدتنا في أي معضلة تواجهنا. نعم.. كل حكومات العالم تتدخل، لكن فقط حين لا سبيل غير ذلك, ومن هنا لا ضرورة إلى أن نضطر القيادة إلى تحمل أعباء فوق ما عليها من أعباء. إن هذا يكشف مرضا بيروقراطيا عضالا، ليس فيما يخص ما حدث لسوق الأسهم بالذات وإنما فيما يحدث في عديد من الجهات الحكومية, فلا ضرورة لأن نجعل الناس يتلفتون للنجدة لحل معضلاتهم خارج جهات الاختصاص وأن نتركهم يركضون في الأروقة والمكاتب يستنفدون الوقت والجهد دون طائل, لأننا لو فعلنا فكأننا نختصر الجهات كلها بالجهة العليا التي ينبغي أن ندخرها فقط لشأن لا قبل للجهة صاحبة الصلاحية عليه, وهو أمر نادر, وإلا لم أنشأت الدولة الأجهزة للنهوض بالمصالح العامة المختلفة؟
المصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
505074النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
12004تاريخ النشر
20060427الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية