الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الرياض بين جذور التراث وربيع الثقافة
الخلاصة
تحتضن الرياض العاصمة هذه الأيام مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة في نسخته الـ 24، ومعرض الرياض الدولي للكتاب في دورته الرابعة، في إطار مشروع معرفي كبير انطلق قبل أكثر من ربع قرن من خلال مؤسسة الحرس الوطني لربط الأمة بجذورها، وحشد رصيدها الضخم في هذا المجال، ليكون مرتكزا لنهضتها الثقافية، على اعتبار أن التراث الأصيل يُمثل الحاضن الطبيعي للفكر والثقافة. في بادئ الأمر، ربما كان غريبا بعض الشيء أن يتصدى جهاز عسكري لمثل هذه المهمة ذات الطابع الثقافي، غير أن تلك النجاحات التي تحققت لهذا المهرجان عبر السنوات الماضية، وما أنجزه لمصلحة الوطن في البعدين الفكري والثقافي وصيانة التراث، وذلك الإقبال الجماهيري من أطياف الشعب كافة، كل هذا أكد بما لا يدع مجالا للشك أن مسؤولية الثقافة هي مسؤولية جماعية، وأن مشكلة النخبوية التي كان يُعانيها الجسم الثقافي في الوطن العربي جاءت نتيجة الشعور أنها مسؤولية نخبوية تقوم عليها الجهات التي تعمل تحت العنوان نفسه وحسب، ما أدّى إلى خلق حالة من العزوف عن مناشط الفعل الثقافي، لذلك استطاع الحرس الوطني بتصديه لهذا المشروع الضخم أن يُعيد صياغة رؤية المجتمع للفعل الثقافي على أساس أنه فعل جماهيري يُمكن أن تشارك فيه شرائح المجتمع كافة، خصوصا أن التراث بمفهومه البسيط لا يزيد على كونه منجز أمة بفنونها وعاداتها وتقاليدها وطريقة حياتها، وهو الأمر الذي أوجد مكانا لائقا لكل مفردات الوطن في هذا المهرجان، وحطم الحواجز فيما بينهم وبين هذه الفعاليات. مهرجان الجنادرية ليس مجرد متحف تراثي لأدوات الماضي، وليس مجرد قاعة محاضرات لعرض وقراءة عمل فكري، وليس مجرد مجموعة من الأنغام والأهازيج الشعبية السائدة، وإنما هو كل ذلك دفعة واحدة، حيث أصبح المحتوى المعرفي الأول القادر على ربط الناس, كل الناس, بحقيقة ثقافتهم في مختلف جوانبها، وهو بهذه الصفة يكون بوابة المعرفة للمجتمع السعودي ابتداء من جذوره المرتبطة بطين الأرض وشظف العيش وسطوة الصحراء إلى هذا الامتداد الحضاري الكبير المتصل بكل مؤسساته الجامعية ومراكز أبحاثه ومصانعه ونهضته التنموية. وفي تقديرنا أن الحرس الوطني وبرؤية فريدة وناضجة، قد استطاع بهذا المهرجان أن يحقق غايتين في وقت واحد، الأولى أن يكسر قاعدة اختطاف الفعل الثقافي من قبل النخبة المثقفة ليقدمه للجماهير كعمل عام، وهذه مهمة في غاية الأهمية لأن الفعل الثقافي أيّا كان فإنه لا يساوي شيئا ما لم يصل ويتصل بالجمهور، والغاية الثانية أنه بدد صورة الجهاز العسكري الصارمة من أذهان الناس، تلك الصورة التي تُجسد القطاع العسكري على أنه جهاز سلطوي يقبع خلف أسوار عالية, كما لو كان يتربص بهم، ليستبدلها بالصورة الحقيقية، التي تجعل منه جهازا وطنيا في خدمة الوطن والمواطن، يتفاعل مع كل اهتماماتهم وتطلعاتهم، ويشاركهم فنونهم وتراثهم. وهذه الرؤية التي تبناها خادم الحرمين الشريفين ـ يحفظه الله ـ انطلاقا من مؤسسة الحرس الوطني، حتى قبل أن يصل إلى سدة المسؤولية الأولى في الدولة، تكشف أول ما تكشف عن بصيرة نافذة تجاه دور المؤسسات بمختلف اهتماماتها في تقديم صورة الوطن من خلال تراثه وثقافته، وهو ما دفعه ـ يحفظه الله ـ إلى تبني معرض الكتاب الذي نظمته في نسخته الأولى وزارة التعليم العالي قبل أن تنتقل مسؤولية تنظيمه إلى وزارة الثقافة والإعلام ليتمم به منظومة المهرجان تحت رعايته الشخصية، وليتزامن بالتالي مع فعاليات المهرجان، لتتشكل من خلالهما تظاهرة ثقافية، تتناغم في أدائها وأدوارها، فيما يشبه التلازم بين جذور التراث، وربيع الثقافة، ليتحقق كل هذا الحراك الفكري والثقافي والتراثي الذي قدّم للوطن بصمته الثقافية الخاصة بين أمم الأرض.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
603028النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
5625الموضوعات
الثقافةالجنادرية
الحرس الوطني
الرياض - الإدارة العامة
السعودية. وزارة التعليم العالي
السعودية. وزارة الثقافة والاعلام
المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الرياض)
المهرجانات
الهيئات
الرئاسة العامة للحرس الوطني - السعوديةوزارة التعليم العالى - السعودية
وزارة الثقافة والاعلام - السعودية
تاريخ النشر
20090306الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية