الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الملك عبدالله .. مواقف مع التخصيص
التاريخ
2007-02-06التاريخ الهجرى
14280118المؤلف
الخلاصة
منذ القدم تمارس الموانئ البحرية في حركة التجارة والتنمية وظيفة كالرئة في جسم الإنسان شبهاً وأهمية. كما أنها بحكم موقعها الجغرافي المتقدم تعد من أولى البوابات التي تتفاعل على ساحتها أدوات المنافسة الاقتصادية لأي دولة مع العالم الخارجي. وتشكل الموانئ السعودية أكبر منظومة للموانئ في الشرق الأوسط، كما أنها تستقبل نحو 95 في المائة من واردات وصادرات المملكة (عدا النفط الخام)، بقيمة إجمالية تبلغ تقريباً (400) مليار ريال سنوياً في الوقت الراهن، وهي أرقام تعكس حجم الدور الذي تضطلع به الموانئ البحرية في خدمة الاقتصاد الوطني. وإلى جانب ذلك الكم الهائل من حركة البضائع، تحتضن الموانئ مجمعات صناعية عملاقة للبتروكيماويات، تكرير النفط، المواد الغذائية، وإصلاح السفن، بالإضافة إلى مجمعات تخزين لأنواع شتى من السلع تسهم في استقرار تدفقها إلى الأسواق الداخلية والخارجية. لذا لم يكن من سبيل الصدفة، كما أشرت في مقال سابق، أن اختار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حين كان ولياً للعهد، الموانئ السعودية لإطلاق أول برنامج للتخصيص في المملكة ما حقق لها نقلة نوعية في محاور متعددة منها: زيادة كميات البضائع المناولة، ارتفاع الإنتاجية، توفير فرص عمل جديدة للمواطنين، وجذب استثمارات من القطاع الخاص لتطوير التجهيزات والمعدات كان من بينها إنشاء منطقة لإعادة التصدير منطقة تجارة حرة على مساحة مليون متر مربع في ميناء جدة الإسلامي. وعلى خلاف الفرص الأخرى التي شملها برنامج التخصيص وعددها (27) فرصة واجهت مشروع منطقة إعادة التصدير بعض العقبات التي كادت أن تعصف به منذ البداية. إذ إن ندرة الأراضي في الميناء دعت إلى استصلاح مساحة بحرية مغمورة ما تطلب عمليات واسعة من التعميق لإزالة الطبقات الطينية الضعيفة في ذلك الحيز من قاع البحر، ثم إعادة ردمها بتربة جيدة كي تتحمل المنشآت التي أقيمت عليها فيما بعد. وقد منحت الجهات الرسمية المعنية وفي مقدمتها وزارة الداخلية (حرس الحدود) التراخيص اللازمة يومئذ للمستثمر لبدء العمل عدا جهة واحدة ما أدى إلى تعطيل المشروع وتكبيده خسائر لا مبرر لها، وهو وضع لم تقبل به المؤسسة العامة للموانئ فسارعت في عرض الموضوع مباشرة على أنظار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حين كان ولياً للعهد) في عام 1419هـ، ولم تمض (24) ساعة إلا وقد سُمع هدير المعدات في الموقع معلناً ولادة منطقة إعادة التصدير بفضل حزم خادم الحرمين الشريفين. لم تكن تلك العقبة الوحيدة التي واجهت المشروع، إذ نشأت عقبات أخرى أثناء السنوات الأولى للتشغيل بسبب تنازع في الصلاحيات بين الإدارات المعنية في الميناء من جهة وكذلك بينها وبين المستثمر من جهة أخرى. بالطبع كانت هناك أسباب لنشأة تلك العقبات لعل أهمها أن المشروع ينطوي في آن واحد على فكرتين جديدتين على بيئة العمل التقليدية في الموانئ هما التخصيص وخدمة إعادة التصدير. وهنا كان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، مرة أخرى، موقف حازم وحاسم إذ أمر بمنح المستثمر مرونة كاملة في إدارة وتشغيل المشروع دون تدخل من أية جهات أخرى كما أمر أيضاً بالتوسع في الخدمات المقدمة للسفن والتجار ودعمها بإنشاء تجهيزات جديدة لمناولة الحاويات (الكونتينرات). كل تلك المواقف الحازمة والحاسمة لخادم الحرمين الشريفين تواردت في خاطري في مطلع شهر ذي الحجة المنصرم أثناء حفل توقيع عقد بناء وتشغيل المنشآت والتجهيزات الجديدة لمناولة بضائع الحاويات بطاقة تصل إلى مليوني حاوية سنوياً في المرحلة الأولى وبتكلفة تقدر بنحو 1.6 مليار ريال فضلاً عن مبلغ 400 مليون ريال تقريباً لتطوير منطقة إعادة التصدير ما يضع المشروع بشقيه في المرتبة الأولى بين استثمارات القطاع الخاص في الموانئ السعودية. وما يميز المشروع الجديد أنه ميناء عصري متكامل له قناة ملاحية مستقلة، أرصفة عميقة لاستقبال أضخم السفن في الخدمة حالياً وتلك المخطط لها مستقبلاً، وساحات تخزين واسعة ما يرفع حصة موانئ المملكة في التجارة البحرية والحاويات العابرة (المسافنة)، ويهيء رافداً جيداً لمشروع الجسر البري المزمع إنشاؤه لنقل البضائع بين الساحلين الغربي والشرقي.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
612337النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
4866المؤلف
محمد عبد الكريم بكرتاريخ النشر
20070206الدول - الاماكن
السعوديةالشرق الاوسط
الرياض - السعودية