الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
كانت لنا أعوام في الجنادرية .. !
التاريخ
23-4-2013التاريخ الهجرى
14340613المؤلف
الخلاصة
هذه هي المرة الأولى التي لم أدع فيها لحضور فعاليات الجنادرية منذ ربع قرن ونَيِّف. وهي المرة الأولى التي أكتشف فيها الجنادرية على حقيقتها. لقد ارتَبطْت بها منذ أن كانت أرضاً عذراء, محاطةً بِردْميات ومخيمات, حتى أصبحت مدينة تعج بكل مثير. وكنت طوال ربع قرن مغموساً فيها، ومشاركاً في فعالياتها، وعضواً في مجموعة المشورة فيها. ويكفيني فخراً أن خادم الحرمين الشريفين قَلَّدنِي فيها أشْرف وسام، وأن الأمير متعب بن عبدالله افتتح الموسم الثقافي الذي دُرِسَتْ فيه أعمالي الأدبية بوصفي شخصية العام، وأنها طبعت رسالتي العلمية. وبهذا كنت [حُنْدُبُها] المدعو لِحِيْسِها اللذيذ. آتيها محاطاً بكوكبة من المرافقين والمنظِّمين، أتقلد بطاقتها، وأتحرك في مواكبها، وأذهب حيث يراد للضيوف الذهاب، وتربطني بكافة فعالياتها ورجالاتها روابط وُدٍّ وعمل. في كلِّ موسمٍ ننطلق من مَقَرَّات الإقامة جميعاً على الحافلات، لحضور الفعاليات، هنا أو هناك، ثم نأوي إليها استِعْداداً لجولات متلاحقة. فالحركة والسكون مفروغ منهما، ومَعْلُومَةَ المقدارِ والزمان والوِجْهة. كنت أظن أننا الأكثر حظاً، والأوفى مُتْعةً، والأحسن حالاً. وفي هذا العام جئت إليها بمحض إرادتي، لم أضع في برنامجي موضعاً، ولا فعالية. ولم أرتبط بِمَوْكبٍ، ولا بمقابلة. أتحرك متى أريد، وأذهب حيثُ أريد، وأَقْضِي من الزمان ما أُشْبع به فضولي، أختار المواقع، وأتذوق المُشْتَهى من المأكولات والمشروبات المناطقية، وأتحدث بصوت مرتفع مع من شئت من الأناسي وأسأل عَمَّا شِئْت. لقد شعرت يومها أنني أتمتع بهذه المنجزات، وأتفاعل معها بحرية مطلقة. كنت من قبل أنظر إلى الجنادرية بعين رسمية: [وعين الرضا عن كل عيب كليلة]. واليوم أنظر إليها بعين المواطن. وليسَ شرطاً أن تكون عين سُخْط، ولسان حالي يردد:- [عَدَسْ ما لِعَبّادٍ عَلَيكِ إِمارَةٌ.. نَجَوتِ، وَهَذا تَحمِلينَ طَليقُ] فشكر الله لكل الزملاء الذين غيروا النمطية، وأتاحوا لغيري ما أتاحوه لي على مدى ربع قرن، فذلك عين الصواب، وإن جاء متأخراً. فالجنادرية حق لكل مواطن، وعندئذ لم أكن كـ[أبي حَرْزة] الذي نادى، وهو محجوب عن القصر:- [يا أيها الرجل المُرْخِي عِمامَته.. هذا زمانُك فاستأذن لنا عمرا]. لقد جئتها اليوم بمحض إرادتي، وبدون دعوة، ولا استئذان، وأحسست أنني أمام تظاهرة ثقافية، مليئة بكل جميل. والمحروم منها من يتعامل معها من خلال الرسميات. فالضيف محكوم بِحِلِّه وترحاله، وبمأكله، ومشربه، وتحركه، وسكونه. لا يستطيع أن يتخلص من هذا النظام الصارم. وكيف لا يكون صارماً..! والذين يتولَّون تنفيذه نخبةٌ من الضباط المنضبطين الدقيقين في كل شيء. إن الضيف عزيز، مكرَّم، ولكنه مُقَيَّد ببرنامج دقيقً، فالضيوف يربو عددهم على ثلاثمائة مدعو، من الأدباء، والمفكرين، والسياسيين، وعِليْةِ القوم، ومن ثم لا بد من وضع برنامج صارم، تتوفر فيه الراحة، ولكن تقل فيه الحرية. لقد أعطتني الجنادرية فوق ما أستحق. وأنا مدين لرجالاتها، الأحياء منهم والأموات، العاملين والمتقاعدين، المدنيين والعسكريين. لقد كانوا جميعاً في مستوى مسؤولياتهم تواضعاً، واستباقاً للخيرات، وحرصاً على راحة الضيوف، والتماساً للمفيد، ومبادرة في الاعتذار عن كل تقصير. إن من نكران الجميل أن ننسى الراحِلَيْن الكبيرين: [بدر بن عبدالعزيز] بدماثة خلقه و[عبدالعزيز التويجري] برجاحة عقله، وبعد نظره، وحسن تصرفه، رحمهما الله. ومن التقصير ألا نتذكر [أبو حيمد] و[السبيت] و[أبي عباة]، وآخرين أبلو بلاءٍ حسنا، ولم يبق إلا ذكرهم الجميل:- [والذكر للإنسان عُمْرٌ ثاني]. لقد كانت الجنادرية، ولما تزل كوَّةً يُطِلُّ منها الإنسان العربي، ليرى المملكة بكل ما تعج به من خيرات لإنسانها، ولكل عربي، ومسلم. وكيف لا تكون ملء السمع والبصر..! وهي قد جَسَّرت الفجوات بين النخب العربية، واستطاعت تصفية الخلافات الفكرية بينهم، وصنعت ما لم تَصْنعه سائر وسائل التواصل، إذ مكنت أدباء البلاد من التعارف، والتواصل مع أدباء العالم العربي، ومفكريه، وكانت لي كما كانت لغيري من الأدباء مصدراً ثراً، أرتوي من مَعِيْنه المتدفق. وكم كان بودي لو دُرست آثارها، ومنجزاتها، الأدبية، والفكرية، دراسة [أكاديمية]. ولاسيما أن الرأي العام لم يتصورْها على حقيقتها، لقد واَكبْتُها منذ السنة الأولى، كنت واحداً من الفاعلين فيها، وأصحاب القرار، وكانت [مجموعة المشورة] تَجْتمع في العام مرة أو مرتين، يفتتح جلساتها سمو الرئيس أو معالي النائب، ثم يُخليِّ بين المجموعة وما تريد، فَتَدْرسُ المجموعةُ كافَة الفعاليات المقترحة، وتقترح الفعاليات المهمة، وتختار الضيوف، وتحاول التركيز على المفكرين الذين يختلفون معنا، وترشح الشخصية المكرَّمة. وكم من خلافات، ومشادات، تدور بين الأعضاء، حول قوائم الاخت
المصدر-الناشر
صحيفة الجزيرةرقم التسجيلة
693152النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
14817الشخصيات
الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعودعبدالعزيز التويجري
متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود
الموضوعات
الثقافةالجنادرية
الحرس الوطني
السعودية - الاحوال السياسية
المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الرياض)
المؤلف
حسن بن فهد الهويملتاريخ النشر
20130423الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية