الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الأمن الغذائي السعودي تحت رحمة تجار الابتزاز الروس
التاريخ
2010-09-07التاريخ الهجرى
14310928المؤلف
الخلاصة
الأمن الغذائي السعودي تحت رحمة تجار الابتزاز الروسد. تركي عبدالعزيز الثنيان العام المقبل بلا جدال سنتسقط أخبار روسيا وكندا وأوكرانيا هلعا من شح القمح، تماما كما هو حادث في مصر اليوم، أرض النيل، التي اضطربت وتشنجت يوم أعلنت روسيا حظر تصدير القمح بداية من 15 آب (أغسطس) إلى 31 كانون الأول (ديسمبر) بفعل الحرائق وارتفاع درجة الحرارة التي أثرت في محاصيل الحبوب الروسية؛ وذلك بغرض إبقاء الأسعار المحلية الروسية في نطاق المعقول الروسي, فاشتعلت الأسعار في بورصة الحبوب والأغذية العالمية ودب الذعر والفوضى في أسواق الغذاء العالمية. لقد كان لدينا نعمة ركلناها تقدر بثلاثة ملايين طن قمح، واليوم نفرح لأننا اشترينا كمية كافية من كندا قبل اندلاع الأزمة العالمية.. يا لها من مفارقة! ''نيويورك تايمز'' تضيف لقصة حظر التصدير بعداً آخر مخيفاً وهو أن موضوع منع التصدير منبعه ضغط قوي من لوبي تجار القمح الروسي المرتبطين بعقود تم إبرامها بأسعار منخفضة جدا قبل حدوث الحرائق وارتفاع الأسعار في تموز (يوليو)، وهو ما دعا المصدرين للقمح الروس إلى الضغط بكامل قواهم على الرئيس الروسي, وذلك لتلافي الإيفاء بعقودهم في ظل ارتفاع الأسعار, إذ إن المنع الحكومي هو الطريق الآمن للتحلل من الالتزام التعاقدي، فهو يعد ''قوة قاهرة'' متى حدثت أمكن الإخلال بالالتزامات التعاقدية ــ كتصدير شحنة القمح المتعاقد عليها ــ دون تعويض. هذه القصة عادت مرة أخرى إلى الظهور في صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' في استعراض لقوة شركة قلينورس إنترناشيونال إي جي سويسرية الجنسية وقدرتها على التأثير في مفاصل الحكم الروسي وتطويعه لخدمة مصالح ملاك هذه الشركة. مصداق تلك الروايات أنه بعد يومين من إعلان حظر التصدير، تقاطرت الشركات الروسية المصدرة للقمح بإعلان حالة القوة القاهرة المانعة للتصدير مع المتعاقدين معها، متحللة من تعاقداتها والخسائر المترتبة عليها. وتعد هذه الشركة الرابح الأكبر في هذه الأزمة العالمية. سواء كان حظر التصدير بسبب احتياج محلي صادق أو كان بسبب مؤامرة شركات عالمية وفساد ينخر الحكومة الروسية, لا يهمني في هذا المقال إلا تسليط الضوء على كيف يمكن أن نصبح أسرى لأمور لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟ أسرى لعوامل خارجة عن نطاق سيطرتنا في أهم عنصر غذائي لا يستغني عنه الفقير ولا الغني, أمر خطير جدا. إن امتلأت مخازننا هذا العام، فمن يضمن العام المقبل؟ وإن نجونا لأننا نشتري من كندا، وليس من روسيا، فمن يضمن كندا العام المقبل لو صادف موعد التصدير حملة انتخابية قذرة؟ إنه أمر خطير يجب ألا نتهاون به, خاصة أن بلادنا كانت تزرع وتصدر القمح لربع قرن، ونشأت لدينا ثقافة زراعية وبنية تحتية متينة وكفاءات بشرية تنفست القمح لربع قرن. كان لدينا مزارعون مصدر رزقهم الوحيد زراعة القمح. وتوقف كل ذلك بسبب تشنج غير مبرر ودون دراسة علمية تبرر وتقنع الرأي العام بجدوى التوقف عن دعم القمح, بل إن الدراسات الحالية تظهر بوضوح كفاية المياه لزراعة القمح لمدة 100 عام. باختصار لدينا القدرة على تفادي الكوابيس الروسية, لكننا ارتضينا السباحة عكس التيار الآمن. إن الأزمة العالمية اليوم فرصة لمراجعة قرار توقفنا عن دعم زراعة القمح, ومراجعة الآثار الوخيمة التي نتجت عن توقف الدعم. اليوم نحن في حاجة, بل نحن في أشد الحاجة, إلى أن نتحكم في خبزنا وألا ندعه في أيدي مرتزقة لا يهمها إلا تعظيم حساباتها السويسرية. ليكن غذاؤنا تحت أعيننا. لتكن الهيمنة والسيطرة المطلقة لنا وليس لملاك شركة لها شركاء متنفذون في حكومة فاسدة. سواءً احترقت روسيا حقيقة أم فساداً، إنه كابوس لسنا مضطرين لمعايشته. إنها شجاعة الحق التي لا يستطيع إعلاءها إلا عبد الله بن عبد العزيز ــ سلمه الله ــ فالقمح محصول استراتيجي وليس ثانويا، ومبلغ ستة مليارات ــ بواقع ثلاثة ريالات للكيلو لكمية مليوني طن ــ تنفق على المزارعين الصغار، ليست خسارة اقتصادية على الإطلاق تلتقفها أفواه المحرومين من أبناء الوطن، نعيد بها توطين الهجر والبوادي التي أقفرت، ونحيي بها السهول والتلال التي خوت على عروشها، ونسد رمق الكادحين من أبناء الوطن، بدلا من رميها في جيوب مزارعي السهول الكندية أو تجار الابتزاز الروسيين.. ليكن مصير خبزنا بين أيدينا وتحت أعيننا.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
702277النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
6175الموضوعات
الازمات الاقتصاديةالازمات المالية
التجارة الخارجية
التخطيط الاقتصادي
الفساد الاداري
الفساد المالي جرائم الاموال
المؤلف
تركي بن عبدالعزيز الثنيانتاريخ النشر
20100907الدول - الاماكن
السعوديةروسيا
الرياض - السعودية
موسكو - روسيا