الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الحج أمانة ومسؤولية وإنجاز
التاريخ
2008-12-09التاريخ الهجرى
14291211المؤلف
الخلاصة
الحج من شعائر الله، عبادة خالصة لوجهه تعالى، أيام معدودات فيها يوم من أفضل الأيام وهو يوم عرفة حين ينزل فيه الخالق عز وجل للسماء الدنيا يباهي فيه ملائكته بعباده الملبين الداعين، أيام لا رفث ولا فسوق، فيها يتحلل العبد من مباهج دنياه وترفها، يتساوى فيها الجميع على صعيد واحد وهم متوجهون لربهم الواحد الأحد الفرد الصمد وألسنتهم وقلوبهم ومشاعرهم تلهج لبيك اللهم لبيك. يأتي للحج المؤمنون من كل فج عميق، من كل أصقاع الدنيا شمالا وجنوبا شرقا وغربا أغنياء وفقراء شيبا وشبابا رجالا ونساء برا وجوا وبحرا ومصداق ذلك قوله تعالى: وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، يجتمعون بهذه البقعة الطاهرة في الوادي الذي لا زرع فيه ولا ضرع، وقد تركوا حياتهم وأهلهم وترفهم خلف ظهورهم لتلبية نداء ربهم، فيا لها من أيام عظيمة جليلة بكل ما فيها من بشر وزمن. كان من فضل الله علينا في هذه البلاد أن كلفنا برعاية هذه البقعة المباركة، وحملنا أمانة استقبال كل هؤلاء القادمين من كل مكان لأداء هذه الشعيرة الخالصة لوجهه – عز وجل - ومسؤولية إدارة موسم الحج، ونسأله سبحانه أن يقدرنا على أداء الأمانة وحمل المسؤولية وهو راض عنا بعد أن يعيننا على تحملها وأدائها خالصا لوجهه سبحانه، فمسؤولية الحج تبدأ من كل فرد منا، مسؤول أو غير مسؤول، مكلف أو غير مكلف، فكل منا عليه واجب حسن استقبال القادمين وتحمل واجب خدمتهم وتقديم كل عون ومطلبنا وغايتنا الأجر من الله، واجبنا أن نعامل كل حاج وحاجة معاملة أخوية لينة، نقدم لهم كل ما نستطيع حتى لا يشعروا بالعناء والنصب، فحجاج بيت الله وهم ضيوف الرحمن أمانة لا بد من أن نؤديها بما يرضي الله عز وجل. عظمة هذا التجمع تكمن أولاً في معناه ثم في تنوعه وأخيراً في مقاصده، فقد صدق الله وعده حين أمر نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ببناء بيته العتيق، وحين يؤذن بالحج إليه سوف يأتيه الناس من كل مكان وفي كل الأزمان وعلى كل ضامر، وها هو الوعد مستمر حتى يومنا هذا وزخمه يزداد عاما بعد عام، وهذا التجمع ليس قاصراً على جنس أو فئة أو عمر، بل يتشكل من خليط بشري فيه كل التنوع الثقافي والطبقي مكونا فسيفساء بشرية قل نظيرها، وجميعهم لهم مقصد واحد لا يختلفون عليه تعكسه وحدة أداء الشعيرة وهو رضا الله ومغفرته وتلبية لندائه منذ إبراهيم عليه السلام وحتى اليوم وإلى أن يرث الأرض ومن عليها، وهذا كله يعني أن الحج وضيوفه وقدسيته منة علينا من الله، ومصدر لخيره ورزقه ورضاه. في ظل هذه المعاني العظيمة للحج، استطاعت هذه البلاد التي تتحمل مسؤوليته أن تؤدي الأمانة بكل أمانة وصدق وتقرب لله سبحانه، فمنذ أيامها الأولى وقد وضعت نصب عينيها خدمة بيت الله وحرميه الشريفين وضيوفه بدءا من تأمين الأمن لطرق الحجيج على يد جلاله المغفور له الملك عبد العزيز، وامتدادا من التطوير والتوسيع لحرميه الطاهرين ومشاعره المقدسة، وحتى يومنا هذا الذي نشهد فيه أكبر وأعظم توسعة تجري في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ويقابل ذلك كله حجم الجهود التي تبذل من كل أجهزة الدولة لاستقبال وتحريك والإشراف على أمن وسلامة ما يزيد على مليوني حاج في وقت زمني قياسي ومكان واحد ضيق محدود، فالإنجاز الأكبر الذي حققناه ليس في الإنشاء والبناء والتوسعات، فهذه مع جلالها وقيمتها الكبرى لا توازي حجم وقيمة إدارة مئات الألوف من البشر في زمن ومكان محددين، فالجهد المبذول للإعداد لموسم الحج وتهيئة كل الإمكانات منذ استقبال الحجيج وحتى مغادرتهم هو جهد خارق مكننا الله من إنجازه عام بعد عاما وبنسبة ضئيلة من السلبيات والأخطاء هي في حد ذاتها إنجاز، فالدولة وفقها الله ترمي بكل ثقلها في هذا الموسم، وتجند كل طاقاتها البشرية والمادية لتأمين موسم الحج ولخدمة ضيوف الله، وبعون من الله وبصدق في النية ها نحن نسير من نجاح لآخر ومن توفيق لتوفيق كل عام، ففي كل سنة تحدث نقلة كبرى ونوعية في مشاريع مخصصة للحج تصرف عليها الدولة مليارات الريالات بلا منة ولا تفاخر، وفي تطوير طرق إدارة الحج والحجيج ومعاجلة كل قصور لن يخلو منه أي موسم، فجهدنا مهما كان وبلغ سيظل جهدا بشريا لن يصل لحد الكمال.
الرابط
الحج أمانة ومسؤولية وإنجازالمصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
725756النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
5538الموضوعات
رعاية الحجاجالمؤلف
نواف مشعل السبهانتاريخ النشر
20081209الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية