الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
مكافحة الفساد إلى مختبر التنفيذ
التاريخ
2011-03-21التاريخ الهجرى
14320416المؤلف
الخلاصة
مكافحة الفساد إلى مختبر التنفيذد. صالح السلطان أصدر خادم الحرمين الشريفين، يوم الجمعة الماضي، حزمة قرارات اقتصادية تكلفتها تزيد على 400 مليار ريال. وتزامن مع قرارات توزيع هذه المئات من المليارات قرار إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، المرتبطة بالملك مباشرة. الدولة تنفق أموالا طائلة، والمال فتان، لا شك في ذلك. يقول المولى سبحانه ''كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى''. ولذا من المهم جدا أن تعمل الهيئة بالقوة التي أريدت لها. ويأتي تعيين الأخ الفاضل محمد عبد الله الشريف رئيساً للهيئة، مدعاة فأل، فالرجل له تاريخ ناصع في الرقابة المالية. لنا أن نعرّف الفساد بأنه استغلال السلطة لتحقيق منافع شخصية. ويعرّف الفساد في القطاع العام على أنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية. وتتفاوت درجات الفساد الوظيفي قوة وتأثيراً. وعلى خلاف ظن الكثيرين، لا يقتصر الفساد الوظيفي على العاملين في الحكومة، بل يحدث كذلك من العاملين في القطاع الخاص. ويتخذ الفساد صورا كثيرة، منها تفشي ما يسمّى المحسوبية في التعيين أو الترقية، والتصرف في أموال عامة على وجه لا تقتضيه المصلحة العامة، واستغلال النفوذ أو الوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية، وغير ذلك من الأمثلة. ويكثر الفساد في بعض أوجه النشاط الاقتصادي، ومن أكبرها الخصخصة، لأنها تعتمد على تقييم الأصول وتقلبات السوق وتتدخل فيها عدة عوامل، وإذا قمنا بالخصخصة دون حماية تلك العملية من الفساد، فإنها تؤدي إلى مزيد من الفساد. وإذا توافر للدولة نظام للخصخصة في ظل مجتمع مدني قوي ونظام شرعي وقانوني قوي، فإن المجتمع سيكون قادرا على حماية نفسه من الفساد إلى حد كبير. أمثلة للفساد الوظيفي: • استخدام النفوذ الوظيفي لتوجيه السياسات العامة لمصالح خاصة. • قروض مصرفية دون ضمانات جدية وغالبا لا تسدد. • عمولات العقود غير المشروعة أو غير المسموح بها بنص القانون. • بذل الهدايا لآخرين لتسهيل مصالح غير مشروعة. • هدر الموظف وقته في أعمال لا يصح القيام بها أثناء العمل. • التهرُّب الضريبي. وتبدو أنماط كثيرة من الفساد الوظيفي عصية على المكافحة، حتى وإن كانت جادة. ولا تتوافر وصفات دولية جاهزة لمكافحة الفساد. وما تكشفه وسائل الإعلام ومناقشات المحاكم ولجان التحقيق والمجالس النيابية من وقائع الفساد الوظيفي تدل على انتشار واسع له في شؤون الحياة الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والسياسية، بل أصبحت له مؤسسات منظمة في بعض الدول. ومن ثم لا يمكن للحكومة وحدها محاربة الفساد، فلا بد من أن تضاف إليها جهود العمل الأهلي والقطاع الخاص معا. وفي هذا يجب أن يتعاون الناس والقطاع الخاص والمجتمع المدني مع الحكومة في اقتراح وتقصي وتبني الحلول وأساليب المكافحة. الفساد الوظيفي من أكبر المشكلات التي تتفق الشرائع السماوية والقوانين والمؤسسات المحلية والدولية على اعتباره عقبة أمام الإصلاح والتنمية والاستثمار. تفشي مظاهر الفساد يؤثر تأثيرا سلبيا بالغا في أي جهد للإصلاح الاقتصادي، لأنه يزيد في ضياع بعض إيرادات الحكومة، ويسهم في تدهور الأداء الحكومي، وفي إضعاف الصلة بين الأجور والإنتاجية، وفي تأخير إنجاز الأعمال، وكل هذا يؤدي إلى إضعاف الاقتصاد شيئا فشيئا مع مرور الوقت. إن هذه الآثار السلبية توجب محاربة المشكلة ضمن جهود الإصلاح الاقتصادي، أما الإصلاحات الجزئية أو الناقصة فإنها ستكون أقرب إلى المسكنات، ولا يتوقع أن توصل إلى إصلاح حقيقي للاقتصاد أو تحقق نمواً قابلاً للاستدامة. ولا شك في أن قوة النجاح في مكافحة الفساد في أي دولة تعتمد على قدر تحقق إصلاحات أخرى، وعلى رأسها سيادة القانون على الجميع، الذي يمكن أن يعرف ويقاس بمدى قناعة جمهور الناس بتحققه. وينتعش الفساد أكثر في ظل ظروف النمو السريع والتحديث الذي تتعرض له بعض الدول، وذلك بسبب تغير القيم ومصادر الدخل والقوة والتوسع الحكومي. حتى تعطي مكافحة الفساد الوظيفي ثمارا مرجوة، هناك حاجة إلى وجود منظومة من الأعمال والإصلاحات الدينية والتعليمية والاجتماعية والإدارية. يساعد على العلاج تحقق الشفافية الإدارية والمالية والمحاسبة والمتابعة وتعديل المكافآت والحوافز والعقوبات، وانتشار ثقافة النزاهة الوظيفية، وأن كل فرد تحت طائلة المساءلة. أختم هذه المقالة بحديث ذي صلة في صحيح البخاري عن رجل استعمله النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ على مال عام ''... فلما قدم (الرجل) قال هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول هذا لك وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيُهدى له أم لا...''. وبالله التوفيق،،،