الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
الملك.. وإدارة السياسة بإرادة الكرامة
الخلاصة
الملك.. وإدارة السياسة بإرادة الكرامةكلمة الاقتصادية أغلى ما يملكه الإنسان في حياته هو الكرامة، وأعز ما تملكه الأوطان هو سيادتها الوطنية، التي تمثل الوجه الأبرز للكرامة على المستوى الوطني.. هذه حقائق في مرتبة الأبجديات، لا شك أنها تسبق حتى لقمة العيش، تأسيسا على مبدأ: لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل مثلما يقول الشاعر العربي القديم. خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أيده الله - الذي رضع حليب العزة والكرامة، حتى صارت هذه المعاني السامية عنوان سياسته الرئيس، ليس على مستوى الوطن وحسب، وإنما حتى على مستوى العروبة، والإسلام، ليقينه وقناعته بأن كل الشعارات مهما كان حجم ألقها المؤقت، فإنها ستظل أدنى من أن تبلغ معنى الكرامة - كرامة الأفراد - كما كرامة الشعوب والمجتمعات، التي لا يجوز أن تنجرح أو تخدش أو تمس بأي صورة مهما ادلهمت الخطوب، أو تفاقمت المعضلات؛ لأنها محور العيش الكريم ورأس سنامه.. أبى إلا أن يضع مسألة الكرامة وفقا لهذه القاعدة في مقدمة أولوياته، حتى أنه لا يكاد يخلو أي حديث أو توجيه من مقامه الكريم، دون أن يتناول هذا المعنى الذي أصبح يلازم كل مساعيه وخطواته، والذي يتابع حديثه للسفراء السعوديين الجدد المعتمدين لدى دول أخرى.. وبماذا يستهل توجيهاته معهم.. يكتشف بوضوح أين يضع - يحفظه الله - مسألة الكرامة في سياق توصياته، فهو يريد منهم ترجمة تلك العبارة التي يحملها جواز السفر السعودي فيما يتصل بحماية كرامة المواطن أينما كان، ورعاية شؤونه، وصيانة كرامة الوطن، وهما وجهان لعملة واحدة، لا يمكن أن تنفك إحداهما عن الأخرى، يأتي هذا دائما قبل أي حديث أو توجيه آخر.. إدراكا منه - يحفظه الله - أن المعيار الحقيقي لثقل وأحجام الدول والمجتمعات.. إنما يتأتى بالدرجة الأولى من صيانة الكرامة، وهو الأمر الذي يتوهم فيه كثير من منظري السياسة أنه يقع على الضفة الأخرى للعمل السياسي.. غير أن عبد الله بن عبد العزيز الذي وسم خطابه السياسي بالانحياز للمبادئ، وكسب ثقة العالم، حتى لم يعد هنالك من يستطيع أن يتطاول على أي موقف يصدر عنه؛ لأنه يدرك أنه لا يمكن إلا أن ينبني على احترام كرامات الشعوب والأمم، والأصداء التي تزامنت مع خطابه للأشقاء في سورية إثر إراقة مزيد من الدماء هناك، والترحيب المطلق بتلك الدعوة الواثقة على مختلف الأصعدة، يبين كيف أن مثل هذه المعاني التي انتقصها السياسيون أو بعضهم على الأقل يمكن أن تصبح عنوانا رئيسا للسياسة، وللعمل السياسي برمته متى ما وجدت من يحتكم إليها لا كشعار يستخدمه لمناسبة أو حدث ما، وإنما كرمانة ميزان لصيغة عمل لا ترمي إلا لصون كرامات الأفراد والشعوب، والبناء عليها كصيغة عمل للعلاقات المحترمة التي لا تبخس أحدا حقه، ولا تنجرف للمصالح المجردة على حسابها. هذه هي لغة الزعامة الحقيقية، وهذه هي آليات عملها ومواقفها إزاء القضايا المختلفة؛ لذلك حينما يواجه جادم الحرمين السفراء فإنه يضعهم في المساق ذاته الذي أنجز على يديه - أيده الله - للوطن، وللمواطن الرصيد الأكبر من الكرامة، ليكون هؤلاء السفراء، قيمة مضافة للوطن الذي يحترم نفسه، ويكسب من وراء ذلك احترام الآخرين، ويرفع بالتالي من قيمة مواقفه، ومواقف سياسته، ويمنح تلك المواقف ثقلها الدولي الذي لا يمكن أن يُقابل إلا بالاحترام، وهو حين يفعل ذلك لا ينطلق من هامش يستند إلى حسابات ردود الفعل، وديماجوجيتها؛ لأنه فعل ثقافة تشربها منذ نعومة أظفاره، حتى أصبحت جزءا من شخصيته التي يعرفه بها القاصي والداني، وموقف أصيل لا ينفك عنه على اعتبار أنه سليقته وفطرته التي جُبل عليها، بمعنى آخر إنها ليست مجرد خيار سياسي يستعمله في هذا الموقف أو ذاك، وإنما هي مسألة مبدأ راسخ لا ينحاز إلا إليه.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
767663النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
6527الموضوعات
السعودية - العلاقات الخارجيةعبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - تراجم
تاريخ النشر
20110825الدول - الاماكن
السعوديةسوريا
الرياض - السعودية
دمشق - سوريا