الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
أثر أسعار النفط في التنمية السعودية
التاريخ
2014-12-05التاريخ الهجرى
14360213المؤلف
الخلاصة
المراقب عن كثب للتنمية في السعودية يرى بوضوح أنها تمر في مرحلة ما يسمى عنق الزجاجة. فإما أن تخرج، وهو ما نتوقعه ونتمناه، أو تعود إلى قعر الزجاجة، وهو ما لا يتمناه ولا ينتظره أحد.ويجد المراقب، بجردة حساب بسيطة، أن هناك مشاريع مهمة أنجزت، منها الجامعات في المدن الصغيرة، ومشروع الإرسال إلى الخارج للدراسة، وجامعة «كاوست»، وجامعة الأميرة نورة، ومطار جدة، وملعب «الجوهرة»، وغيرها، إلا أن ما بقي على الخط أكثر وأهم.وكما يعلم الجميع، فإن مشاريع التنمية مرتبطة بإيرادات النفط، ولأن النفط ليس في أفضل حالاته هذه الأيام، فإن المطلوب من الحكومة السعودية أن تشد الحبال على ظهر بعير التنمية حتى لا تسقط حمولته، ولا يجنح عن مساره الذي خطط له. و «سكرة» الطفرة يجب أن تحل محلها «فكرة» الحزم والرقابة والمتابعة اليومية على أعلى مستوى في الحكومة لإنجاز المشاريع الكبيرة المتبقية.فكثير من المشاريع الحيوية وعلى رأسها مشاريع السكك الحديد التي تربط مناطق البلاد ببعضها، أو داخل المدينة الواحدة، وتعثر الكثير من المشاريع الحيوية الأخرى (بلغ عددها 3 آلاف مشروع بحسب تقرير لـ «نزاهة»)، يجب أن تكون الهاجس الأول للمسؤولين خصوصاً أن مبالغها مرصودة وجاهزة، ولا تحتاج إلا لإدارة حازمة تصل بها إلى بر الأمان. ويجب التذكير بأن الوقت ليس في مصلحتنا، وليس وقت جدل وتبادل اتهامات بين الجهات الحكومية عن أسباب التعطيل، ولكنه وقت حاسم للإنجاز والعمل. فالطفرة قد لا تتكرر قريباً، وما لم تنجز هذه المشاريع وتخرج من كبوة التعثر فخسارة اقتصادنا كبيرة من دون شك.فهذه المشاريع هي ما يخلق فرص العمل، ويساهم في تشغيل قطاعات أخرى، ويرفع الاستثمارات ويجذبها محلية كانت أو أجنبية، ويعزز مستوى مساهمة قطاع الخدمات في الاقتصاد، وهو القطاع الذي يعول عليه البلد كثيراً ليساهم في تخفيف الاعتماد على إيرادات النفط المتقلبة بحسب مزاج السوق العالمية، ولا قدرة لنا على ترويضها ولا إعادتها عن جنوحها وتخبطها.أضف إلى ذلك، ونحن في نهاية مرحلة الطفرة، وهي الثانية (الواضحة) في تاريخ الاقتصاد السعودي بعد الطفرة الأولى (1973-1982)، إن بقاء مشكلات الإسكان والبطالة أمر لم يعد مقبولاً السكوت عليه. فأن ترصد مبالغ ضخمة وغير مسبوقة للإسكان، ثم يستمر المواطن مستأجراً لأربع سنوات بعد رصد المبالغ، أمر يجب النظر فيه بسرعة. كما أن ضعف قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل للمواطنين، أمر يجب معالجته على الفور. فأي طفرة لا تنعكس على معيشة المواطن وأبنائه، فإن نتائجها بالتأكيد تحتاج إلى مراجعة، وعلاج شاف قبل أن تذهب الطفرة، ويبقى حال المواطن-معيشياً- بلا تغيير ولا تحسن، وهو ما يوجب إعادة نظر سريعة من دون تسويف.وأن نظرة على التعليم والصحة، وهما حجرا الزاوية في التنمية السعودية، والقطاعان اللذان نالا أموالاً غير مسبوقة في تاريخ الموازنات السعودية، تظهر أن التحسن فيهما ما زال ضعيفاً، وبطيئاً، ولا خطط معلنة للوصول إلى نتائج ملموسة في المستقبل القريب، ما يوجب مراجعة الخطط، وتسريع الإصلاح في هذين القطاعين المهمين.خلاصة القول، إن ما تحقق نتيجة تراكم أموال النفط خلال السنوات العشر الماضية أمر جيد، ولأن الدورة الاقتصادية تبدو في بداية نزولها، فإن المعالجة السريعة وتدارك الأخطاء هما أمران حاسمان للعبور بمشاريع التنمية لبر الأمان.ختاماً، ما تحقق من عائدات النفط خلال السنوات الماضية كان كبيراً وكافياً، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كريماً في إنفاقه، فلا مدينة ولا قرية سعودية إلا وفيها أكثر من مشروع تنموي. وتبقى المسؤولية على الوزراء والمسؤولين للتركيز وتشديد الرقابة والمحاسبة لإنجاز المشاريع التي هي في طور الإنجاز، وعلاج أزمة المشاريع المتعثرة بسرعة وحيوية. فالتنمية على مفترق طرق، والطريق الوحيد الذي يجب أن يسلك هو إخراجها من عنق الزجاجة. وحين خروجها سنصفق كثيراً، ونحتفي طويلاً، ولن يهمنا بعدها أين ستتجه أسعار النفط، ولن نضع أيدينا على قلوبنا مع كل انتكاسة تصيبها.
المصدر-الناشر
صحيفة الحياةرقم التسجيلة
865707النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
0المؤلف
عبدالله بن ربيعانتاريخ النشر
20141205الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية