الباحثين الكرام سوف يتم الانتقال الى المكتبة الرقمية بحلتها الجديدة خلال الاسبوعين القادمين
حضارة الشقاء وشقاوة الحضارة
التاريخ
2008-04-08التاريخ الهجرى
14290402المؤلف
الخلاصة
هاني بن عبدالله الملحم يخبرني بحروفه المتسابقة في فكره يقول : بعد مرور السنين الخمس التي غبتها عن وطني العزيز عدت فرأيت أن كثيرا من معالم التطور والنماء التي يرعاها مولاي خادم الحرمين الشريفين التنموية ، ومشاريع النهضة العلمية والعمرانية في بهاء ، لكني رأيت في المقابل الأمر الذي أذهلني .... رأيت أن معالم كثيرة من التغير الفكري والاجتماعي قد تسارعت وتيرتها ، واشتدت قسوتها فأصبح ما يسمى بالسباق الحضاري الذي يعيشه مجتمعنا يحرجه ببريقه المتجدد ، ولونه الصارخ المتعدد الذي ما زال يرمي الفرد في مزيد من النكسات المتكررة ، والنكبات المتغيرة ، فالشكوى والأنين ، والغلاء الذي يفرضه صناع الجشع ، ورواد الطمع هو السمة التي تمتاز بها لغة الحضارة المادية التي تحيط مجتمعنا ، التي رمتنا في شقاوتها التي جعلت أفراد مجتمعنا يمضون في سباق دائم نحو المادة فحسب ، وكأنها هي الطريق لصناعة سعادة الحياة المفقودة . لذا ما زال علماء الغرب يؤكدون على أن العلم والتقنية لم تفلح في إسعاد الإنسان ولا بتخليصه من صراخه وشكواه المستمرة ، يقول (الكسيس كاريل) الحاصل على جائزة نوبل في العلوم ، وصاحب كتاب الإنسان ذلك المجهول : « إن الحضارة العصرية تجد نفسها في موقف صعب ، لأنها لا تلائمنا ، فقد أنشئت دون أية معرفة بطبيعتنا الحقيقية ، إذ أنها تولدت من خيالات الاكتشافات العلمية ، وشهوات الناس ونظرياتهم ، وعلى الرغم من أنها أنشئت بموجوداتنا إلا أنها غير صالحة بالنسبة لحجمنا وشكلنا « ، كما أن هذا الكلام نجده مرددا في كتاب « so human an animal « لرنيه دوبو الذي بعنوان « إنسانية الإنسان « حيث يقول « نحن ندعي اننا نعيش في عصر العلم ، إلا أن الحقيقة هي أن الميدان العلمي كما يدار الآن ، ليس فيه توازن يسمح للعلم بأن يكون ذا فائدة تذكر في إدارة أمور الناس ؟ لقد جمعنا جسما هائلا من المعلومات حول المادة ، وتقنية قوية لضبط واستغلال العالم الخارجي .... ومع ذلك لا يزال جهلنا فاضحا بالآثار التي تنتج عن اللعب بمهارتنا هذه ، ونتصرف في غالب الأحيان وكأننا آخر جيل يعيش على هذه الأرض « . ولو تأملنا ســّر ما نعانيه من ضجر دائم ، وصخب قائم في ظل حضارتنا المعاصرة لوجدنا أننا نعيش في حضارة ابتعدت عن الروح واحتضنت المادة فقط ، فراحة الجسم التي وفرها الفكر المادي ، هي ذاتها التي لم تستطع أن توفرها النفس ، حققت له الرفاهية ولم تحقق له السكينة ، هيأت له الأدوات ولم تهيئ له الغايات ، حتى أصبحت مظاهرنا براقة ولكن بباطن متهاو ، ولا أنسى حديث عالمنا الجليل عبدالله بن منيع قبل أيام وهو يتحدث عن سبب منعنا القطر من السماء ، يقول استسقينا ست مرات ولا نجاب إلا بالغبار وسموم الحر ، وكأنها رسالة ربانية تقول كيف نجاب ومشاهد الظلم ، وأكل الربا وأموال الناس بالباطل ، وعقوق الأمهات ، وقطيعة المحارم وأهل المكرمات ، والوقيعة في أعراض العلماء وأهل المروءات ، وإضاعة الواجبات ، وانتهاك المحرمات ونريد بعدها أن تتنزل علينا الرحمات ! ! إذ المتأمل في صور الحضارة والتسارع التقني والمادي أنه لم يجن علينا فقط ، بل جنى على بيئتنا ، فأوقع الاضطراب في توازننا ، ولوث كثيرا من أجواء ثقافتنا وأخلاقنا ، وحارب سعادتنا ، فالواقع يبرهن أن الإمكانيات تزيد ويزداد معها الطمع ، وكلما ازداد الترف ازدادت الشكوى ، لذا استطاع الفكر اليهودي المتشرب لثقافة المصلحة « interest « هدم مفهوم الحضارة ، ونشر ثقافة مصلحتي الشخصية فوق كل شيء ، وهذا شأن المكاسب المادية كلما ازدادت ازداد الافتقار إليها وإلى المزيد منها ، والناتج هو مزيد من التعاسة ، حيث ان السعادة في لغة الحضارة موطنها القلب لا الجيب ، إذ لا عبرة بازدياد الامكانات المادية والإنسان بالنسبة لها أرخص شيء تراه. com Hani077@ hotmail
الرابط
حضارة الشقاء وشقاوة الحضارةالمصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
425294النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
12716الموضوعات
التخطيط الاقتصاديالمؤلف
هاني بن عبدالله الملحمتاريخ النشر
20080408الدول - الاماكن
السعوديةالغرب
الرياض - السعودية